كرامة أمة
النمر المصري والقط الإيراني
نصار الخالدي
بعد زيارة وزير السياحة المصري لإيران، وقبلها زيارة الرئيس الإيراني لمصر لحضور مؤتمر قمة التعاون الإسلامي في القاهرة، كثر الحديث عن تقارب مصري إيراني، وأثار البعض مخاوف من أن تبتلع إيران مصر من خلال التأثير في قياداتها ونشر التشيع فيها، ونحن نرى أن هذه المخاوف ساذجة مبنية على تحليل سطحي للأحداث، وتتجاهل أبسط الحقائق والإحصاءات، فوفق لغة الأرقام والمنطق تبدو دول الخليج أولى بالخوف من التمدد الإيراني، فيما مصر أكثر الدول منعة من التأثير فيها، ولنا في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي مضى على توقيعها 35 سنة خير دليل إذ فشلت إسرائيل رغم كل جهودها في اختراق مصر.
أورد الكاتب صالح السعيدي بعض الأرقام في تغريداته على «تويتر»، منها أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران بلغ 25 مليار دولار في عام 2011، مقابل 83 مليون دولار تبادل فقط بين مصر وإيران، ويتم تسيير 126 رحلة طيران أسبوعياً بين إيران ودبي بمعدل 18 رحلة يوميا، إضافة إلى وجود أكثر من 435 ألف نسمة حجم الجالية الإيرانية في الإمارات، وهي ثاني أكبر جالية إيرانية في العالم بعد الولايات المتحدة، كما أن إيران لا تحتل أراضي مصرية كما تحتل جزر الإمارات، ويتساءل السعيدي: من الأولى بالقلق مصر أم إيران؟
كما أن «مصر دولة كبرى وقوة ناعمة تؤثر في محيطها ولها تاريخ في قيادة محيطها، وليست «جمهورية موز» حتى تخترقها إيران بسهولة.
أما هاجس التشييع فهو مبالغ فيه وغير صحيح، فعدا عما فيه من إساءة لمذهب أهل السنّة حيث يظهره وكأنه هشّ ويمكن تغييره ببساطة عكس الواقع والشواهد التاريخية، ولو كان تغيير المذاهب بهذه البساطة لما بقي شيعي واحد في السعودية، ولما بقي سني واحد في إيران، وبالتأكيد لا يعتد ببضعة أفراد جرى اصطيادهم بالمال في بعض البلدان، ولنتذكر أن إيران عجزت عن تحويل ملايين السنة في إيران إلى المذهب الشيعي رغم أنهم في قلب إيران، كما عجزت عن اختراق سنة العراق وعجزت عن كسبهم، رغم أهمية العراق لإيران وحضورها ونفوذها القويين فيه، وهي لم تستطع أن تتمدد إلا في مناطق محددة لها ارتباطات مذهبية فيها كجنوب لبنان وجنوب العراق، وصعدة في اليمن، وسياسيا عجزت عن اختراق البحرين وهي أصغر وأضعف دولة خليجية، وغالبية سكانها شيعة، فكيف لها أن تمد نفوذها إلى مصر وتخترقها؟
في المقابل حكم الفاطميون مصر أكثر من قرنين، ورغم ذلك لا توجد أضرحة فاطمية في مصر، والأثر الباقي هو الأزهر الشريف الذي أصبح منارة سنية، وقادت مصر العالم السني خمسة قرون بعد الفاطميين، فيما كانت ومازالت دولة كبيرة لها إرثها الحضاري والتاريخي.
أضف تعليق