كتاب سبر

والله من وراء القصد

والله من وراء القصد
بقلم.. فيصل عمر الهاجري 


رسالة إلى المتخلفين:-
قبل قرنيّن من الزمان أرسل طاغية باريس المتزمّت، الملك الفرنسي لويس السادس عشر قائد حرسه ليطلب من نواب العامة الخروج من البرلمان وإخلاء القاعة بعد مناوشات كلامية دارت بين رموز المعارضة ووزير خزانته اللورد نيكر حول إصدار مجموعة من المراسيم الملكية الجائرة بحق الشعب آنذاك، فأجابه النائب ميرابو – بو حمود ذلك العصر- قائلاً: “إننا هنا بإرادة الشعب ولن نبرح أماكننا إلا على أسنة الرماح”.. فاندلعت الثورة، وانقلبت المملكة إلى جمهورية، واستُبدِل الدستور بدستور جديد، وصودرت جميع امتيازات أصحاب الدماء الزرقاء، وانتهى المطاف بإعدام الملك تحت مقصلة الشعب بعد عام واحد من قيام تلك الثورة.
رسالة إلى العقلاء:-
كان حصن الباستيل والذي أصبح فيما بعد سجنًا يُزج بِه جميع أصحاب الآراء السياسية التي تتنافى مع أهواء الملك، وشهوات حاشيته اللصوص وندمائه الخونه يمثّل رمزاً للطغيان والاستبداد في نظر كافة الشرفاء والمخلصين من أبناء الشعب الفرنسي، لذا فقد توجّه الثوار من فورهم تجاه الباستيل بزعامة ميرابو ورفاقه من النواب، وقاموا بقتل الحراس وتدمير الحصن والإفراج عن السجناء والمعتقلين والطواف بهم في شوارع باريس طواف الفاتحين المظفّرين بالنصر.
رسالة إلى الحكماء:-
مع بداية قيام الثورة الفرنسية هرب قرابة الـ %90 من تجار وإقطاعييّ ونبلاء فرنسا إلى الدول الأوروبية المجاورة نافذين بجلدوهم وتاركين وراءهم جميع ممتلكاتهم الخاصة والعامة، حتى قبل أن يتم دحر القوات الملكية وسقوط النظام وإلقاء القبض على الملك، وهذا الأمر أي (هروبهم) يعود لسببيّن.. الأول: لشعورهم الذاتي بأنهم شركاء وداعمين للطاغية في الاستمرار بممارسة سياسة الاستبداد والانفراد بمقدرات البلاد ومصائر العباد، والثاني: ليقينهم الراسخ بأن جميع تلك الأموال والثروات، والإقطاعيات والامتيازات التي خلفوها وراءهم، ما هي إلا مقدرات الشعب التي حُرم منها بعد اغتصابها من قِبلهم بمباركة ملوك فرنسا وطواغيتها.