كتاب سبر

ما الذي يحدث في الكويت؟

ما الذي يحدث في الكويت؟
بقلم.. سحر محمد 
ظلّت الكويت في ذهن المخيلة العربية ما هي إلا الشعب المدلل عند حكومته والمستجابة رغباته قبل طلباته، وهي بالتالي النموذج الخليجي الذي يمثّل الديمقراطية الواعية، وتباعًا لذلك كنت أتوقّع أن ينفجر العالم العربي كله ثورات إلا الكويت، حتى صور اختلاف وجهات نظر  النواب التي لم أرها قط على شاشة إنما عبر خبر مركون في زاوية الجريدة كنت أراها من باب الترف الفكري والنقد السياسي ولا يتجاوز ذلك.
في السعودية.. أغلبنا لا يعرف مشكلة  حقوقية وسياسية واقعة بالكويت غير مشكلة “البدون”، حتى ظهرت لنا فجأة الأحداث الأخيرة في البرلمان الكويتي حزب ” المعارضة” التي كنت اسمع عنه هو كذلك بشكل من الترف وتفاجأت هذه المرة بخروج المعارضة سافرة جاهرة في الشارع واحتدامها مع الحكومة بالشارع، وأيضًا كانت شاشات التلفاز زهيدة في نقل الصورة ولكن كنت أقرأ تعقيبات الناس الشفافة عبر مواقع التواصل التي لا تعرف من لعبة السياسة غير إرادة الحق وردّه للمظلوم، كانت مطالبهم الدستورية واضحة ولا تتبعها مصالح غير الخوف على الوطن والحرص على حفظ حقوق كافة أطيافه من الشعب.
وإن أول ما تبادر لذهني بعد هذا الصدام السؤال عن وجود هذه المعارضة قبل ذاك، وعن دورها الفاعل فلربما لم تكن شيئًا يذكر قبل هذا،
فوجدت أن المعارضة موجودة ضمن البرلمان الكويتي وأنها حزب يتكوّن من أنماط المكونات الفكرية بالكويت، بدءً من الأحزاب الإسلامية وانتهاء بالحزب الليبرالي، بمعنى أنها فريق يشمل رأيًا واحدًا ينطلق من تيارات مختلفة، ولكنه يتفق لمصلحة شعبية ووطنية واحدة تدفع الفساد وتقود الدولة نحو مصلحة الجميع. 
وهذا الهدف كان موجودًا قبل التصادم مع الحكومة، وقرأنا عنه في تصريحات أصحاب المعارضة ونوابها غير أن الفرق الذي حدث؛ أن الحكومة قبل هذا كانت متعاونة مع المعارضة ومع مشاهد اختلاف الرؤى  ومحاولات الإصلاح، وعندما انزاح الأمر إلى الاتجاه المعاكس حدث ما حدث، ولم تجد المعارضة طريقًا لها غير الصدام والخطاب الصارم الذي اعتبرته الحكومة الكويتية تحد واضح لها.
والهدف نفسه يدفع التهم التي تتلقاها المعارضة في كونها حركة خارجية ارتدت ثوبًا جديدًا بعيدًا عن الوطنية، وقريبا من مصالح أخرى تهم جهات وتيارات أخرى، والحقيقة الظاهرة أن المعارضة لا تنتمي لجهة غير الشعب، فهي تتكون من كل أطيافه و تياراته ومذاهبه الفكرية المتنوعة هي من روح الشعب إنما كل مافي الأمر أنها تطورت عندما رأت أن الوضع في دولتها تتغيّر للأسوأ.
والأمر المحزن جدًا هو موقف المعارضة في سنواتها الأخيرة  من نفسها التي يقودها أصحاب رأي لا يملكون المواجهة ويتوارون خلف آراء متحولة ومتذبذبة في مواقفها، كما حدث مع رموزها عبيد الوسمي وحاكم المطيري والنفيسي الذين ظهروا مؤخرًا في مواقف تنتقد المعارضة وتتهم مصداقية قائدها مسلم البراك في تبعيته لجهات أخرى، وأن له أهداف شخصية بعيدة عن أهداف المعارضة وبذلك المعارضة الآن تقتل نفسها بنفسها، كما تقتل الكويت ديمقراطيتها نفسها بنفسها، وحكمت على معارضتها بالسجن لخمس سنوات من أجل رأي!
sa7ar.sud@gmail.com