آراؤهم

لهذا فشلت المعارضة

لهذا فشلت المعارضة
بقلم.. يحيى الدخيل
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، سأذكر بتحليلي هذا أسباب فشل المعارضة وما وصلت إليه، ليس حبا في رموزها أو موافقة لما يقومون به وأساليبهم ولكن سأذكر أسباب فشلهم لأنزع الغمام عن أعين المخلصين منهم، سأذكر هذه الأسباب لكي يقف المخلصين منهم وقفة تصحيحية ومراجعة ذاتية لما حدث من نتاج تحركاتهم وتخبطاتهم، سأذكر أسباب فشلهم لأن وجود معارضة متزنة في أي مجتمع أمر صحي ومطلوب لضمان عدم تفرد السلطة في إدارة البلد كما هو حادث حاليًا، وإعادة هذا التوازن واجب على الجميع.
أولًا: من أهم أسباب فشل المعارضة اختلاف النوايا لدى أغلب ممن يقود الحراك، وهذا ليس اتهام مني للجميع فبالتأكيد يوجد المخلص ولكنني هنا أوضح أحد أهم القوانين الكونية وهي قوة النوايا في تحقيق الأهداف وجريان البركة، ليسأل كل فرد من المعارضة نفسه هذا السؤال، ما هو هدفك الحقيقي من تحركك ؟؟ هل هو الظهور الإعلامي ! هل هو حب القيادة !! هل هو عدم القبول بالهزيمة والانتصار للذات!! هل هو التخلص من القضايا والملاحقات الأمنية !! هل هو أمر من تيارك !! هل هو أمر من شيخك أومن يحركك !! هل هو تقليد لمجتمعات أخرى والبحث عن بطولات ومقاطع يوتيوب تتداول !! هل هو من أجل القبيلة ومصالحها !!
كل هذه الأسباب موجودة للأسف لدى البعض وأبشركم بأنها لم ولن تحقق نصرا ودفعا للفساد بالقدر المطلوب، ما لم تكن النوايا خالصة لله ثم لنفع المسلمين ونهضة الأمة ولتحقيق سنة التدافع مع الباطل.
كمسلمين نرى أنه يجب أن يتوافر شرطين مهمين لإصلاح أي فساد : النية السليمة – والأسلوب المناسب الصحيح للإنكار، والثاني يحدده العقلاء وأهل الرأي الذين لم يتم مشاورتهم أصلا في أي من ذلك.
ثانيًا: من أهم أسباب فشل المعارضة سياسة الإقصاء والاحتكار : والاحتكار في الكويت ليس محصورا بالتجار والمناصب، من وجهة نظري أيضا المعارضة احتكار، دع عنك دعواتهم المتكررة للجميع أو نداءاتهم لجميع القوى للانضمام للمعارضة والمسميات التي يخرجون بها من حين لآخر، الجبهة الوطنية، ائتلاف المعارضة، الأغلبية و تنسيقية الحراك وغيرها الكثير…. مما سيخرج أو خرج، الوجوه هي هي، الأشخاص هم نفسهم يغيرون قبعاتهم ويفخمون أنفسهم، وكأنهم مهووسون بالظهور الإعلامي وكاميرات الصحافة وعبارات الثناء والمسميات القيادية. وبمجرد اجتماعك ودخولك في المعمعة تجد القرارات والأمور تسير بتخطيط مسبق واستفراد واضح وتستشعر بأن الغالب فيهم يريد أن يبين أنه هو القائد وهو المقترح وهو المنسق وهو المحاور وهو المفاوض مع السلطة وهو المحرك للحراك، وما أن يبرز غيره حتى يقصيه ويهمشه وقد يحذر منه لإبعاده لضمان الاستفراد بقيادة المعارضة وتحجيم أي حراك غيرهم.
لهذا تجد القيادات لا تتجدد والأشخاص يتكررون في التجمعات والفعاليات.
ثالثًا: من اسباب فشل المعارضة وتخلخل صفوفهم تدخل الشيوخ وبعض أبناء الأسرة في مواقف البعض وتحريكهم عن بعد، وهذا إن غاب عن بعض السذج أو تغافل البعض منهم عنه لتوافق المصالح وتقاربها فلن يغيب عن الواعين من السياسيين والشخصيات المتابعة للعمل السياسي، وهؤلاء ممن يُحرّكون عن بعد وينقلون كل صغيرة وكبيرة لشيوخهم للحصول على السبق والعطايا، كذلك يقوم شيوخهم بنقله بأسلوب آخر لغيرهم واستخدام الحدث أو الخبر سواء كان سلبا أم إيجابا لصالحهم بهدف تحقيق أكبر استفادة مما يجري وانتفاعهم بالسلب أو بالإيجاب من الأحداث، و قد يسمح هذا الشيخ المستترلأعوانه من المعارضة بانتقاده أحيانا لإبعاد الشبهة عنه ولتبيان حيادية وصدق هذا المعارض من جهة وتبيان ولاؤه هو كشيخ لأسرته ولسمو الأمير وأنه ليس بمنأى عن انتقاد المعارضة، وفي النهاية يقف في الجانب الذي يحقق لهم الفائدة الأكبر، ما الفرض بين القبيض الموالي للسلطة والقبيض المعارض الموالي أيضا لشيخ يسعى للسلطة، فالسلطة كأي في أي دولة تغدق على مواليها لتضمن الاستمرارية وهذا الشيخ المستتر أيضا يعطي ليصل للسلطة مهما كان الثمن أو الضحية، وليكن بعلمك أيها المعارض العميل بأن شيخك إذا تعارضت مصلحته مع حراكك سيقف ضدك بلا هوادة، فلا تبرر لنفسك تبريرات غير ذلك، طبعا هذا الكلام لا ينطبق إلا على من يعرف نفسه من المتلونين، وأما الشباب والحراك كثير منهم وطني وهدفه الإصلاح ولكن للأسف يُستغل وتمر عليه خدع الطرفين ومسرحياتهم، وهذه النوعية من المعارضة الموالين يسهل كشفهم، يكفي أن ندقق جيدا في بعض الأسماء من رموز المعارضة والحراك، أين ذهبوا مؤخرا !! ولم اختفوا فجأة عن الساحة السياسية (من غير تعميم – انتبه ) لنعلم كيف يقوم هذا الشيخ أو ذاك بفرد عضلاته وتبيان قوته للسلطة والأسرة بأنه المتحكم والمحرك والمطفئ أيضا للفتنة وللعلم فقط هناك أكثر من شيخ يتدخل وليس المقصود هنا واحد فقط.
رابعًا: من أسباب فشل المعارضة انجرافهم وراء بعض الشباب عديمي الخبرة في الحراك السياسي بهدف الحصول على شعبية أكثر.
للأسف ومن واقع الحال وجدنا الشخصيات والرموز السياسية المخضرمة ذات الخبرة تضع عينها على الشباب وتحاول إرضاؤهم ولو من غير اقتناع لكسبهم ولخوفهم من تويتراتهم وانتقاداتهم، وواقع اجتماعات المعارضة مع الشباب يتضح فيه ذلك، فنجدهم يمررون اقتراحاتهم دون تعديل بهدف كسب تأييدهم، وأنا شخصيا كنت ممن اجتمع قبل عامين مع ثلة من الشباب الوطني المخلص والذين لا أشك بحبهم للكويت، ولكن كان هناك العديد من الاندفاع والأخطاء كنا نناقشها و نوجهها، وكنت أتلمس تدخل التيارات وبعض الشيوخ في الحراك ولكن كنا نحسن الظن ونحاول أن نسدد ونقارب، وللأسف سرعان ما سيطرت التيارات والشيوخ واخترقت هذا الحراك، لذا تم استبعاد أغلب المتجردين والمستقلين من القيادة، ولا ادري حقيقة لم يتغافل البعض من الشباب المخلص في الحراك وكثير ما هم عن أمثال هؤلاء المخترقون ولا يتم فضحهم وتنظيف الحراك منهم، استمعت لحج البعض من الحراك بهذا الشأن وهي أن الوقت لا يسمح بالتصفية وان التصفية حاليا تضعف الحراك، وهذا من وجهة نظري من أهم أسباب تراجع الحراك الشبابي وانحرافه وتغير وسائله، فكما ذكرت أعلاه بدون تصفية لن يتحقق الكثير مما يراد تحقيقه، والنخر من الداخل أخطر من مدافعة الباطل الظاهر، لذا كان المنافق أخطر من الكافر وعذرا لاختلاف الفارق في التشبيه والمشبه به. 
خامسًا: من أسباب فشل المعارضة حرقهم للمراحل.
فلم يتدرجوا في المواجهة ولم ينظروا فيما حقق لهم سابقا النصر ويبنوا عليه، في السابق كانت الحكومة تخشى من مجرد تكثيف الأسئلة البرلمانية فضلا عن الاستجواب وكلنا يذكر ذلك، وفي السابق أسقطت حكومات ورئيسها ومجلس أمة بساحة الإرادة فقط دون الحاجة للمسيرات ودون الحاجة لرفع الخطاب السياسي، أما حاليا نجدهم قفزوا على وسائل لم تدع الحاجة لاستخدامها و مطالب لم تحن وقتها أيضا، ماذا تركت لنا المعارضة من وسيلة نستخدمها و نفاوض بها السلطة !!!! هل بعد المسيرات والتهديد بالعصيان المدني من شيء !!! هل بعد القفز لمطلب الحكومة المنتخبة من شي !! مع اقتناعي بضرورة تطوير العملية السياسية واستحقاق الشعب الكويتي للحكومة المنتخبة ولكن بتمرحل وبعد توعية المواطن وبعد تحقيق عدد من الأهداف والمراحل للوصول للحكومة المنتخبة، إذا لم نضمن وضع آليات وتوعية للمواطن لاختيار من يمثله بتجرد فلن يكون هناك تطور فعلي في النظام السياسي فالتطوير يبدأ من وجهة نظري بتطوير النظام الانتخابي لتلافي سلبيات الحالي وهذا يحتاج تضافر العديد من الجهود وتجرد للوصول لنظام يناسب المجتمع الكويتي ونتلافى السلبيات الحالية، وأعود لأقول أن المعارضة حاليا حرقت المراحل والوسائل معا ولم تترك لغيرها ومن بعدها شيء يمكن أن تفاوض عليه أو تستخدمه كوسيلة إصلاحية مؤثرة.
سادسًا: عدم اتفاقهم على كلمة سواء
لنرجع قليلا عندما كان الاتفاق على كلمة (ارحل) والتصميم عليها وعدم التشتيت في الآراء والأهداف واجتمعت الكلمة على ذلك فتحقق الهدف وتوحدت الجهود وك1لك في حملة نبيها خمس، ولا أشيد لهذه أو تلك بقدر ما أضربها مثل لتوحد الكلمة والاتفاق من أثر بالغ في تحقيق النتائج، ولكن حاليا نجد عدم التوافق وتباين الأهداف بل والوسائل المتبعة من أخطرما أفشل وسيفشل أي تحرك، فهناك من يريد حكومة منتخبة وهناك من لا يريد وهناك من يريد أحزاب وهناك من لا يريد، هناك من يوافق على المسيرات وهناك من لا يوافق، هناك من يريد تطبيق الشريعة الإسلامية وهناك من يريدها دولة مدنية فقط، وهناك من يريد إسقاط المرسوم والمجلس وهناك من يكتفي بإسقاط المجلس الحالي دون المرسوم، هناك من يتهم القضاء ويشكك فيه وهناك من يقبل بحكم القضاء، وكل هذه الاختلافات في الأهداف والمطالب والآراء يسبب فجوات كبيرة بين أعضاء المعارضة ويشتت الجهود ويشق الصف، فلو تم الاتفاق على أدنى درجات المطالب والتركيز عليه وتوحيد الجهود الحالية لتحقيقه دون التطرق لغيره لكان أفضل بكثير مما هو حاصل.
سابعًا وأخيرًا: عدم تطوير المعارضة لوسائلهم وانعدام التخطيط الاستراتيجي
واكتفي للتدليل على ذلك بنقطتين هما : الضعف الإعلامي – وعدم الاستقلالية المالية.
 فالضعف الإعلامي واضح ولولا تطور وسائل التواصل الاجتماعي ووقوف الشباب معهم لما سمعنا للمعارضة حس ولا خبر، هل يعقل أن معارضة تعمل بالحقل السياسي وبعضها ينتمي لتيارات عريقة تمتلك الملايين، وليس لهم قناة مستقلة أو مصدر دخل مستقل، وينفقون على الحراك من فتات الداعمين ويلجئون لمن يسيّرهم ويملي عليهم للظهور في قنواتهم التلفزيونية.. حراك دون بذل واستقلالية لن يحقق شيء.
لعل هذه الاسباب السبعة تكون سببا في التقييم الذاتي للمخلصين من شباب الحراك والمعارضة، وخطابي فقط للمخلصين المحبين للكويت.
وختاما أنبه وأشير لأمر هام وهو أن فشل المعارضة لا يدل بالضرورة على ذكاء وحنكة السلطة والحكومة، ولكن الحكومة أكثر امتلاكا للآليات والأكثر قدرة على اختراق الطرف الآخر كما أن ردود أفعالهم مدروسة لحد ما.
الخلاصة والتوصية : نحن كمواطنين علينا أن نعي جيدا بأننا الشريحة المستهدفة للطرفين، وأن الكثير مما نراه ويدور هو أقرب للمسرحيات من الحقيقة، وان ما يشغلوننا به يوميا هو لإبعاد تركيزنا عن ما يدار ويطبخ خلف الكواليس، وإلا لرأينا الإنجاز عيانا من أي من الطرفين محققا على أرض الواقع حينما ينتصر طرف على الآخر، فأنا كمواطن لا يهمني أي طرف ينتصر ومن سيحقق الانجاز المنشود، ما يهمّني بالدرجة الأولى التنمية ونهضة بلدي ومشاريع أراها تنفذ وحل للمشاكل العالقة وسأقف خلف من يحقق هذه الرفاهية للمواطن والأمن، ولكن للأسف نجد هناك حقب وفترات ينتصر بها طرف على آخر ويخلو له الجو ولا ينفذ شي يذكر، كما هو الوضع الحالي، ينشغل الطرف المتنصر منهما بتصفية الحسابات وتمرير ما لا يمكن تمريره لو كان الطرف الآخر متواجد و قوي، أمّا التنمية الفعلية فتأتي في آخر أولوياتهما للأسف.
ونحن كمواطنين علينا أن نرفع من وعينا أكثر ونتساءل لماذا لم تتحرك الكويت من عقود في ظل وجود هؤلاء وأولئك !! ولا نغتر بكل ما يقال وبكل شعار يرفع، فما يكتب ويقال ويردد ويعلن هو ما يريدوننا أن نعرفه ونصدقه وغالبا هو خلاف الواقع.. وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
بقلم/ يحيى الدخيل ( المنسق العام لتجمع المحافظين )