أقلامهم

وليد الرجيب: تعهدت الدولة العثمانية باستمرار الكويت ذاتية الحكم، ولم يخضع الكويتيون للتجنيد في خدمة الجيش العثماني.

وليد الرجيب / أصبوحة / الادعاءات يكذبها التاريخ (2 من 3)
وليد الرجيب
استكمالاً لمقالنا السابق، نقول ان الرحالة الأوروبيين كتبوا معلومات مهمة عن وضع الكويت المستقل عن الدولة العثمانية خلال فترة الشيخ جابر وابنه صباح، فالرحالة بكنجهام عام 1816م لفت نظره احتفاظ الكويت دوماً باستقلالها مؤكداً: «أن أهل الكويت أكثر أهل الخليج حبّاً للحرية والإقدام».
وقد سك الشيخ عبدالله الثاني بن صباح عملة كويتية عليها اسم الكويت عام 1866م، وانتقلت شركة الهند الشرقية إلى الكويت أثناء فترة حصار كريم خان زند للبصرة دليل آخر على استقلالها.
وفي مقال كتبه الدكتور نجم عبد الكريم ذكر أن: «كتاب النصرة في أخبار البصرة أصدره المجمع العلمي العراقي عام 1969م من تأليف القاضي أحمد نوري الأنصاري ذكر من ضمنه تقرير قُدم إلى منيب باشا والي البصرة عام 1277 هـ يحدد فيه ولاية البصرة فيقول: «وفي ما يلي هذه المعامر في جنوب البصرة الفاو المنسوب لأهالي الكويت» ويورد رسماً لخرائط تعود إلى القرن الثامن عشر كانت ترسم منطقة الفاو ضمن حدود الكويت دائماً، لأن الكويتيين كانوا يملكون معظم أراضي الفاو وما فيها من مزروعات» ويخلص د. نجم عبد الكريم إلى القول: «كانت الكويت تمارس دورها كدولة قبل أن تنشأ الدولة العراقية الحديثة عام 1921م».
ورسم الرحالة وليم بلجريف خريطة للكويت عام 1862-1863م تبين أن حدود الكويت الشمالية تشتمل على جزيرتي وربة وبوبيان والجانب الغربي من الجزء الجنوبي من شط العرب ويضم كذلك أم قصر ومعظم الفاو، وميّز خريطة الكويت بلون مستقل عن الوحدات السياسية الأخرى في الدولة العثمانية، وأم قصر تنسب إلى قصر بناه أحد تجار الكويت هو ابن رزق الذي بُني في عهد الشيخ جابر الصباح وأن أهل الكويت عاشوا في تلك المنطقة، كما كانت تعيش في منطقة صفوان عائلات كويتية.
ويوضح السجل العراقي الرسمي الموثق وهو الدليل العراقي عام 1936م أن الكويت لم تكن في يوم من الأيام تابعة لولاية البصرة، ففي دراسة تفصيلية لتقسيمات العراق الإدارية «العراق الإداري في عهد مدحت باشا (القرن 18) لم يرد اسم الكويت تابعاً لأي ولاية من الولايات العثمانية في التقسيمات الإدارية المذكورة».
كانت الكويت منذ تأسيسها الحديث مستقلة عن الحكم والقوانين العثمانية، وكان هذا أحد أسباب ازدهارها اقتصادياً، ففي عهد عبدالله بن صباح كانت الكويت تفرض ضريبة تصدير واستيراد موحدة تقدر بـ 1 في المئة، وفي المقابل كانت ولاية البصرة العثمانية تحصل على 3 في المئة من قيمة البضائع الآسيوية و7.5 في المئة من البضائع الأوروبية.
بل استعان العثمانيون بحاكم الكويت عبدالله بن صباح لشن حملة عسكرية لاحتلال القطيف والاحساء، وذكر مدحت باشا: «أن السفن الثمانين التي نقلت المؤونة واللوازم الحربية كانت تابعة لحاكم الكويت»، كما أرسل حاكم الكويت قوة برية بقيادة أخيه الشيخ مبارك الصباح ضمت العديد من قبائل البدو، واقترحت أن يحكم مبارك القطيف والاحساء الذي ظل فيها فترة ثم رفض البقاء، وتعهدت الدولة العثمانية باستمرار الكويت ذاتية الحكم، ولم تتواجد أي إدارة مدنية ولا أي حامية عسكرية ولم يخضع الكويتيون للتجنيد في خدمة الجيش العثماني.
نكمل في المقال المقبل الجزء الأخير.