أقلامهم

بدر الديحاني: التراجع عن إقرار قانون الإعلام الموحد ليس تخليًا عنه بل تراجع “تكتيكي”، فرضه ضغط الرأي العام.

الاتفاقية الأمنية أيضاً
كتب المقال: د. بدر الديحاني
بما أن المفترض أن نكون في دولة دستورية ديمقراطية فإنه من المؤسف أن تحاول الحكومة فرض قوانين جديدة يترتب عليها إلغاء الهامش النسبي للحريات العامة؛ مثل حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع في تراجع واضح وانتهاك صارخ للأسس التي يقوم عليها نظام الحكم الديمقراطي الذي نصت عليه المادة السادسة من الدستور.
 تراجع الحكومة عن المضي قدما في إقرار مشروع قانون الإعلام الموحد المكمم للأفواه ليس تخلياً عن القانون، بل تراجع “تكتيكي” فرضه تصاعد ضغط الرأي العام، وتشكل مزاج شعبي عام يرفض القانون؛ لهذا فمن المفروض عدم توقف الضغط الشعبي الذي تبلور في الأسابيع الماضية، واستثماره لمنع فرض الحكومة قيوداً جديدة على الحريات العامة، حيث إن قانون الإعلام الموحد لم يُلغَ، والاتفاقية الأمنية الخليجية التي لا تقل عنه سوءاً ما زالت حاضرة وبقوة، فقد سبق أن وقعتها الحكومة قبل أن يقرها كما يفترض مجلس الصوت الواحد!
وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن مجلس الصوت هو مجلس صوري تتحكم به الحكومة وتوجهه كيفما تشاء، فإن ضغط الرأي العام هو وحده العامل الحاسم هنا، والقادر على منع إقرار القوانين التي تقضي نهائياً على الحريات النسبية المتوافرة لنا حالياً؛ مثل قانون الإعلام الموحد، والاتفاقية الأمنية الخليجية التي تتعارض بعض موادها مع الدستور، مما جعل الكويت تمتنع في السابق عن الموافقة عليها.
لا يوجد نظام ديمقراطي من دون حريات؛ لذلك فإن أول ما تلجأ إليه الدول البوليسية هو تكميم الأفواه، فلا صوت يعلو على صوت السلطة التي تمثلها صحيفة واحدة، وقناة تلفزيونية واحدة مهما تعددت مسمياتها، ولا يستطيع المواطن فيها أن يهمس برأيه لأقرب المقربين إليه.
 وبما أن المفترض أن نكون في دولة دستورية ديمقراطية فإنه من المؤسف أن تحاول الحكومة فرض قوانين جديدة يترتب عليها إلغاء الهامش النسبي للحريات العامة؛ مثل حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع في تراجع واضح وانتهاك صارخ للأسس التي يقوم عليها نظام الحكم الديمقراطي الذي نصت عليه المادة السادسة من الدستور.
 والمؤسف أكثر هو الموقف السلبي للغاية للأغلبية الساحقة من منظمات المجتمع المدني، حيث إن بعضها قد أخذ على عاتقه مسؤولية تبرير أي قرار تتخذه الحكومة بغض النظر عن صحة أو خطأ قراراتها، بالرغم من أن ذلك يعتبر خروجاً صارخاً عن الدور المجتمعي المستقل عن الحكومة، الذي يفترض أن تقوم به منظمات المجتمع المدني.
أخيراً وليس آخراً فإن ضرر القوانين المقيدة للحريات العامة والشخصية؛ مثل قانون الإعلام الموحد والاتفاقية الأمنية، سيشمل الجميع، سواء من يقف اليوم بجانب السلطة أو من يعارض قراراتها، إذ ينطبق هنا المثل الشهير “أُكلتُ يوم أُكل الثورُ الأبيض”. لهذا فإنه يجب توحيد المواقف السياسية والشعبية الرافضة لقانون الإعلام الموحد والاتفاقية الأمنية وأي قوانين أخرى تضع مزيدا من القيود على الحريات العامة والشخصية.