آراؤهم

بدون عمل !!

بدون عمل !!
يبدوا أن لعنة تسمية (بدون) شملت جميع نواحي الحياة بالنسبة للكويتيين البدون، فلا يكفي أن يكونوا محرومين من حق المواطنة حتى تتعدى هذه التسمية إلى أمور أخرى وأهمها (العمل).
العمل هو مهنة أو حرفة يقوم بها الإنسان نظير أجر يعتاش منه، وهذا الأمر الطبيعي، فمن حق كل إنسان الحصول على فرصة العمل المناسبة التي تتيح له الحياة بكرامة، خصوصًا عندما تعيش في بلد نفطي (يتفشخر) بالمساعدات التي يقدمها إلى الدول الفقيرة وأحيانا الدول (المتفاقرة).
دعونا من الحديث عن الدور الحكومي لحل هذه القضية أو دورها الواجب لتوفير فرص العمل للكويتيين البدون، فالحكومة طرف ميؤوس منه، لكن لنتحدّث عن دور الأفراد ومنظمات المجتمع المدني، أين دور الأفراد في حل ولو جزء يسير من مشكلة العمل التي تواجه البدون؟
الكويتيون البدون لا يريدون صبغ حائط متهالك قد يسقط جزء منه تحت ضربة الفرشاة، ولا يريدون عمل ملتقى للوجاهة الاجتماعية و(البرستيج) لا تأثير له سوى نشر صور المشاركين فيه.. هذا ليس نقداً لدور الحقوقيين والناشطين في هذه القضية، لكن دوركم لا يرتقي لمستوى الطموح نهائياً، قد تكون كلمات عتب بسيطة من شخص عايش المعاناة الحقيقية لأبناء هذه الفئة و يتوقع منكم المزيد.
تخيلوا معي..
رجل كبير في السن لا يقوى على العمل ويتمنى أن يكبر أبنائه بسرعة، ويتخطون مرحلة الطفولة والمراهقة بسرعة الضوء حتى يستطيعون العمل في أي مهنة لا يتجاوز راتبها الشهري (150) دينار، لكي يستطيع استلام رواتب أبنائه لدفع الإيجار الشهري، وينام قرير العين بعيداً عن ملاحقة صاحب المنزل له.
بنت شابة استماتت لكي تكمل دراستها الجامعية، و”عصر” أبوها عمره عصراً لكي يستطيع دفع تكاليف دراستها، وفي النهاية تعمل مدرسة حضانة براتب شهري لا يتجاوز (100) دينار حتى تستطيع المساهمة في المصروف الشهري.
شاب يعمل حارس أمن يسكن في الجهراء ويعمل في شرق براتب (150) دينار، ولا يملك سيارة يذهب بها إلى العمل فيستخدم باص المواصلات صباح كل يوم لينزل في محطتيّن قبل الوصول إلى العمل (ساعتين مشوار الطريج)، لكي يُعطي والده (130) دينار من راتبه ويحتفظ بالباقي لدفع مصاريف المواصلات.
هذه عينة حقيقية تعيش بيننا ليست من وحي خيالي، وهنالك من حالته أدهى وأمر لكن لا أريد الإطالة.
ومن أكثر الأمور التي تسبب سخطي هو استغلال أبناء هذه الفئة من قبل أصحاب الأعمال، فعند الحديث معهم يتحدث وكأنه صاحب فضل عليهم وأنه وفّر فرصة عمل يعتاشون منها.. لا يا عزيزي أنت تستغل حاجته للعمل فتقدم له راتب أقل من راتب المقيم وغير ملتزم معه بعقد عمل أو إجازة سنوية أو أي حقوق مادية في نهاية الخدمة أو غيرها، ومن السهل جداً الاستغناء عن خدماته في أي لحظة.
في النهاية.. استذكر كلمة للإمام علي يقول فيها (لو أن الفقر رجلاً لقتلته)، وهذا ما للفقر من تأثير على الشخصية الإنسانية للمجتمع.. الفقر قد يؤدي إلى انحراف من يعاني منه قانونياً وأخلاقياً، فلا تصوروا أن ابناء البدون مجرمين فهذه الصورة انتم من زرعها في عين المجتمع العوراء.. والحمدلله أن أبناء هذه الفئة ما زالوا محافظين على ثوابتهم الأخلاقية.
محمد المعن
@Mohamed_Almaan