بورتريه

عيّاد الحربي.. عاشق الكتب

كان لابد له أن يدفع ثمن انحيازه للكلمة الحرة بأن يشارك السجناء مصيرهم، فيسجل اسمه ضمن  قائمة  المدافعين عن نصوص الدستور في مرحلة بلغت من السوء ان يحاكم المرء على نواياه. 
 
ليس هذا وحسب.. بل  أمضى “عياد الحربي” – الذي بدأ حديثاً أولى خطواته في العمل الصحفي – الأشهر الأخيرة جائلاً بين المكتبات، تائهاً في بطون الكتب، باحثاً عما يمكن أن يعمق مداركه الفكرية ليكون مثقفاً لا يساوم بالمال، ولا توزن وطنيته بمدى ولائه لبلاط السلطة، لا يكاد يسمع  بمعرض للكتاب، أو بمهرجان ثقافي أو بملتقى أدبي حتى يهرول إليه، وهناك يلتقط من كبار المثقفين مفردات الحداثة ومصطلحاتها التي تجلت واضحة في مقالاته الأخيرة، وقد نجح في وقت قياسي أن يشكل علاقات متينة مع كبار الكتاب ومشاهير الإعلام في الكويت وفي خارجها، وأن يفتح معهم قنوات التواصل وتبادل الرأي.
 
اختار سبر لتكون نافذته الإعلامية الوحيدة في فضاء الكتابة، وكانت مقالاته محل إطراء الكثيرين وإعجابهم.
 
هو أيضاً أحد فرسان “تويتر”.. وكان حسابه الشخصي مصدر إزعاج للسلطة الأمنية، ولذا وضع تحت مجهر المراقبة، لكنه مع ذلك ظل يمارس نقده للواقع السياسي في الكويت، بروح مرحة وثابة لا تخلو من الفكاهة والتندر، وبقلم لا تنقصه الرشاقة، يبدأ يومه مغرداً.. داعياً لهذا الوطن بالخير والنماء، وأن يصلح الله حال السلطة التي جازفت بمستقبله، وغدا كل همها ألا يكون لها معارضون يقلقون راحتها ويحاسبونها على كل صغيرة وكبيرة.. كان يعرف أنه بات مطارداً، وانه سيزج به حتماً في غياهب السجن، بيد أن ذلك لم يقف حائلاً بينه وبين الكلمة، فالكلمة بالنسبة له “كائن حي” لا بد أن يلقى العناية، ويحظى بالاهتمام والرعاية، ظل يغرد ويحاور متابعيه على حسابه الشخصي حول موضوع واحد هو “الكويت”.. إلى أن سقط أخيراً ضمن الذين اصطادهم السلطة متلبسين بحب الوطن، متهمين بالدفاع عن حقوق الشعب.. دخل السجن ثم خرج، ثم دخله ثانية مكبلاً بالأصفاد، والأمل يراوده بغد مشرق يتكلم فيه المواطن دون قيد أو شرط.
 
عياد الحربي.. غائباً لن تغيب!