مندهشة
الوفد الأجنبي «مبهور» بمستوى التعليم لدينا..!
عواطف العلوي
عبارة ظريفة نسمعها دائما في تصريحات مسؤولي وزارة التربية لدينا بعد زيارة أي وفد من الخارج للاطلاع على سير عملية التعليم في الكويت.. دائما «مبهورون» اللهم صلّ على النبي، ودائما معجَبون بالمستوى المتقدم للتعليم عندنا، وأظن -والله العالم- أنهم يفكرون بالاستفادة من خبراتنا التعليمية ونقلها لدول أوروبا وأميركا.
إلا هذا البريطاني الفاسق (مارتن باكستر) الذي شق عن ملة الوفود المجامِلة، وأبى إلا أن يقول انطباعه مجردًا من كل مجاملة وتزلف، وأن يصرح برأيه بكل وقاحة لم نعتدها من الوفود الزائرة، حيث أَوْكلت إليه الوزارة، وهو الخبير التربوي المتخصص بآليات التدريس، مهمة تقييم مستوى التعليم في مرحلة رياض الأطفال في الكويت.
فماذا قال؟ كشف المستور وفضحنا أمام العربان والغربان.. قال إن التعليم في هذه المرحلة التأسيسية الحساسة غير موجود، وإن الأطفال في رياض الكويت لا يدرسون ولا يتعلمون إلا النزر اليسير، بسبب الخلل في آلية تدريس منهج الرياض، وعدم وجود رؤى وأهداف موحدة واضحة.. وإن معلمات رياض الأطفال يتحدثن 80 بالمئة من عمر حصة الدراسة، وفي رواية أخرى «واجد قرقر»، فيما يُمنح طفل الروضة فرصة التحدث 20 بالمئة فقط من الوقت.. بينما الأصول التربوية تقضي بأن يكون العكس هو الصحيح، وأن الطفل خلال هذا العمر يجب أن يُمنح أكبر فرصة ممكنة للتحدّث والتعبير عن نفسه وأفكاره..!
يعني بالمختصر المفيد، فإن مبلغ 3500 دينار، وهو متوسط التكلفة السنوية لتعليم الطفل في الروضة الحكومية.. يذهب كل عام هباءً منثورا..!
إذا كان كل همّ المعلمة في الفصل هو «الثرثرة» المسمّاة زورا وبهتانا «تعليمًا»، وضبط الفصل بخنق وقمع كل حركة وسكنة للأطفال، ليسود الفصل الهدوء القسري التام والانضباط الصارم.. حتى لا تزعل الست الناظرة من المعلمة، لأن إفساح الحرية أمام حركات الأطفال ولعبهم، الذي هو الخاصية المميِّزة لأعمار تلك البراعم، يُعتبر في نظر الإدارة فوضى لم تستطع المعلمة كبحها..! فهل تسألون بعدها أين ذهب التفكير النقدي الجدلي والحوار الموضوعي والإبداع الفكري لدى النشء؟
وطبعا قدم هذا الخبير توصياته واضحة شفافة، بضرورة توحيد الرؤى والأهداف، وإجراء تعديلات على المناهج المدرّسة، وطرق التدريس، وأداء المعلم ومؤهلاته، وكذلك توصيات تتعلّق بإدارات الرياض.
وأنا واثقة -كدأبي دومًا- أن الوزارة -كدأبها دومًا- ستحتفظ بهذه التوصيات داخل أحدث جوارير المكاتب الفاخرة لديها بعيدا عن عيون الطفيليين، وبعيدًا عن نور التطبيق والتنفيذ..! اللي بعدُه..! ما بقى إلا بريطاني كحيان يعلمنا شغلنا..!
أما المراحل التعليمية الأعلى.. فلي عودة إليها في مقالات قادمة بإذن الله..!
أضف تعليق