اقتصاد

مقابل خسائر قيمتها 500 مليار دولار بحلول 2015
20 مليار دولار مساعدات دولية وخليجية لدول الربيع

قدرت دراسة اقتصادية متخصصة الخسائر المتوقعة لدول الربيع العربي الخمس (مصر وتونس واليمن وليبيا وسورية) نتيجة التغيرات والاضطرابات المصاحبة للثورات بما يزيد عن 500 مليار دولار خلال الاربع سنوات الممتدة بين عامي 2011و 2015.
وتوقع أحمد خليل الضبع الخبير في قضايا التعاون الاقتصادي العربي في دراسة قدمها الى مجلة السياسة الدولية أن لا تكفي تعهدات المساعدات الدولية والبالغ إجماليها نحو 60 مليار دولار في سد الاحتياجات التمويلية لتلك الدول والتي قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 160 مليار دولار خصوصا وان ما تم صرفه فعلا لم يزد عن 20 مليار حتى نهاية فبراير 2013.
وأشار الضبع في دراسته التي جاءت تحت عنوان “الدعم اللامتناسب : المساعدات الاقتصادية الخليجية لدول الربيع” الى أن دول الخليج (التي حظيت خلال عامي 2011 و2012 بفوائض قيمتها 1.2 تريليون دولار من تصدير النفط الخام) قدمت مساعدات قيمتها 11 مليار دولار لدول الربيع الخمسة منها 5 مليارات دولار من قطر الى مصر وبنسبة 70% من إجمالي المساعدات الخليجية لدول الربيع بنهاية فبراير 2013 .
ويرى الضبع أن ما قدمته دول الخليج لا يتناسب مع احتياجات دول الربيع العربي ولن يعوض تقاعس الدول المتقدمة المنشغلة بأزماتها الاقتصادية عن المساعدة، خصوصا وان دول الخليج قدمت 25 مليار دولار كمنح لا ترد للدول الملكية العربية ( البحرين، سلطنة عمان، الأردن، المغرب).
وكشف الضبع عن أن المنافع المتبادلة في العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج ودول الربيع العربي قريبة من التوازن، مقدرا حجم التعاون الاقتصادي بين دول الخليج ودول الربيع بنحو 43 مليار دولار سنويا منها نحو 17 مليار تبادل تجاري و 18 مليار تحويلات للعاملين و 3 مليارات استثمار مشترك و5 مليارات سياحة بينية، موضحا أن دول الربيع العربي تستفيد من القروض الميسرة والمنح والاستثمارات وتحويلات عمالتها في تلك الدول، وفي المقابل تستفيد دول الخليج من فائض ميزانها التجاري وأرباح استثماراتها وعمالة بأجور معقولة وإنتاجية مناسبة، في حين تحظى السياحية البينية بقدر كبير من التوازن.
وشدد الضبع على أن إتباع دول المنطقة لسياسات اقتصادية تحررية وتحول القطاع الخاص إلى اللاعب الأبرز في النشاط الاقتصادي الخارجي أدى إلى أن أصبحت لغة المصالح هي التي تحكم العلاقات الاقتصادية الخارجية للدول بدليل أن ايران التي لا ترتبط بعلاقات سياسية طيبة مع دول الخليج لديها معاملات إقتصادية ضخمة معها، تعادل أو تتفوق على علاقات دول الخليج مع دول الربيع العربي مجتمعه.
وأضاف أن الإمارات التي تتنازع مع ايران على الجزر الثلاث لديها تبادل تجاري معها يبلغ 19 مليارات دولار في المتوسط سنويا واستثمارات إيرانية تتجاوز 40 مليار دولار وخصوصا في عقارات دبي، وفي المقابل تشهد علاقات ايران مع دول الربيع ضعفا واضحا ولاسيما مع مصر بتبادل تجاري لا يتجاوز 100 مليون دولار سنويا واستثمارات 330 مليون دولار.
واستعرض الضبع محاور العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الخليج البالغ حجمها نحو 25 مليار دولار سنويا حيث قدمت دول الخليج قروضا ومنح لمصر بقيمة7  مليارات دولار منها ) 5 مليارات من قطر بدون احتساب الدفعة الاخيرة البالغ قيمتها 3 مليارات دولار)  و2 مليار من السعودية، كما تبلغ الاستثمارات الخليجية في مصر نحو15  مليار دولار (نحو5.5  مليارات من السعودية  و4.4 مليارات من الامارات) في مقابل استثمارات مصرية في الخليج تبلغ 1.8 مليار دولار بدون إضافة الاموال التي تدفقت الى الامارات مؤخرا.
وأضاف الضبع أن هناك نحو مليوني مصري يعملون في دول الخليج تبلغ تحويلاتهم السنوية نحو 11 مليار دولار 65% منهم في السعودية وفق بيانات البنك الدولي في مقابل 22 ألف خليجي يقيمون في مصر معظمهم طلبة لأغراض الدراسة.
وفيما يتعلق بالتبادل التجاري بين مصر والخليج فقد بلغ نحو 7.6 مليار دولار حيث تستفيد دول الخليج من صادراتها لمصر بما قيمته 4.5 مليار دولار منها 2.5 مليارات من السعودية في مقابل استفادة مصر من صادراتها للخليج بقيمة 3 مليار دولار منها 1.8 مليار الى السعودية.
وفي مجال السياحة تستقبل مصر سنويا 1.5 مليون سائح خليجي ينفقون نحو 1.5 مليار دولار وفي المقابل تستقبل دول الخليج 1.2 مليون سائح مصري ينفقون نحو 1.2 مليار دولار منهم نحو مليون سائح ديني لأداء الحج والعمرة في السعودية.
وشدد الضبع على عمق العلاقات والمصالح المشتركة مشيرا الى أن أمن دول الربيع العربي واستقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني مهم جدا لدول الخليج وخصوصا فيما يتعلق بتأمين مرور النفط سواء عبر الممرات الملاحية أو الطرق البرية حيث تشرف مصر واليمن على قناة السويس ومضيف باب المندب الذي يشهد مرور ثلثي إنتاج دول الخليج من البترول، وفي المقابل فإن استقرار دول الخليج والحفاظ على أمنها القومي في مقدمة الأولويات الاستراتيجية لدول الربيع العربي لأنها كانت وستظل سندا قويا لها في مختلف المواقف الصعبة التي واجهتها على المستويين الخارجي والداخلي .
ودعا الضبع الى التركيز في الفترة المقبلة على تعزيز التعاون بين دول الخليج ودول الربيع العربي والمشروعات العربية المشتركة التي تصب في صالح مضاعفة بنود التبادل في مجالات التجارة والاستثمار والعمالة والسياحة وغيرها، ومثال على ذلك مشروع الجسر البري المزمع إنشاؤه بين السعودية ومصر ومشروع الجسر البري بين اليمن وجيبوتي، وعبر آليات تنفيذ تتقاسم الأعباء والعوائد بطريقة اكثر وضوحا وشفافية.
ودعت الدراسة دول مجلس التعاون الخليجي لتفهم احتياجات دول الربيع العربي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغض النظر عن أي مواقف اتخذت في الفترة الماضية، مشيرا الى أن الفرصة لا تزال مواتية لقيام دول المجلس بدور حيوي في إعادة بناء النظام الإقليمي العربي الجديد بالتعاون مع دول الربيع العربي، بدلا من ترك المبادرة في يد قوى إقليمية ودولية أخرى قد تؤدي في النهاية إلى نهوض دول الربيع بدعم خارجي ينعكس سلبا على علاقتها المستقبلية داخل الإقليم .
وحثت الدراسة دول الربيع العربي على مراجعة مواقفها السياسية ومواصلة إعطاء تطمينات سياسية كافية لحكومات الخليج وتقديم تطمينات اقتصادية وحوافز فعالة لمجتمع الأعمال المحلي والعربي والخليجي والأجنبي كما حثت دول الخليج لأن تتخلي عن حذرها المفرط في تقديم دعم حقيقي لدول الربيع بحيث يحتوي على مكون منحة مرتفع يتناسب مع حجم تحدياتها وقريب مما تقدمة للملكيات العربية الأخرى وقادر على تعويض التقاعس المبرر نسبيا للغرب.
كما طالبت الدراسة الجهات المختلفة في دول الربيع بالتحلي بالمزيد من الموضوعية والمهنية في التعامل مع الجهات المانحة وخصوصا بعد زيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل العربية بنسبة 50 في المائة ونجاح دول الخليج في بناء شبكة ضخمة من المؤسسات المالية القادرة على إدارة الأموال ومنها صناديق الثروة السيادية وشركات ومؤسسات إدارة الأصول.
كما اقترحت الدراسة على القمة الاقتصادية العربية المقبلة دراسة إنشاء صندوق لدعم دول الربيع العربي، على غرار الصندوق الخليجي الذي تم تأسيسه لتمويل (الدول الملكية العربية) وصندوق إنقاذ دول الاتحاد الأوروبي المتأزمة الذي تحول إلى آلية الاستقرار الأوروبي (إي إس إم) برأسمال تريليون يورو تعادل 1.3 تريليون دولار.
ودعت الدراسة مؤسسات العمل العربي المشترك وحكومات المنطقة الى مواصلة جهود تهيئة البيئة التشريعية والإجرائية لمزيد من التعاون في مختلف المجالات ومثال على ذلك سرعة التصديق على الاتفاقية المعدلة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية وهي خطوة من شأنها أن تساعد على زيادة الاستثمارات البينية العربية، وخاصة داخل الدول التي تعاني من عجز في التمويل، ولديها معدلات عالية من الفقر والبطالة.