كتاب سبر

علينا وعلى “غراماتنا” يا رب

مُهند قوافي الرافدين الشاعر مظفر النواب كان فعلاً من أصول هندية، فعائلته كانت من امراء الهند اثناء الاستعمار البريطانى وقد نالهم من حب “النفي” الانجلوساكسونى جانباً فرحلوا من الهند وسكنوا بغداد العراق اتقاء لشرهم , المهم أن النواب الكبير منح قصراً فى بغداد وتُرك فيه ليقضي سنوات عمره وهو يبذر من صرر اكياس الفراغ الكبير الذي أصابه فى منفاه!.
كان جدوله اليومي يتلخص بالمشي ذهاباً وإيابا من سور الى سور ومن بوابة الى بوابة مرتديا دشداشة بيضاء تشبه لون لحيته الطويلة المنسدلة التى يحدها شمالاً صلعة حدودها الشرقية والغربية بقايا شعر ابيض وكان اثناء تمشيه يحمل ليرة ذهبية يرمي بها فى الهواء بعيداً ثم يلقفها ليحذفها مرة اخرى ودواليك حتى اطلق عليه البغداديون لقب “المَسّودن”!!.
وفى احد الايام سقطت الليرة من يد النواب وتدحرجت نحو “بالوعة ” البيت فأخرج من جيبه ليرة أخرى واستأنف هوايته وكأن شيئا لم يكن، وبعد عدة ايام أرسل فى طلب أحد النزاحين (وهم من كانوا ينزحون المياه من “البواليع”) وسأله كم يكلفه استخراج الليرة المفقودة، فنظر النزاح إليه وقال مبتسما: سبع ليرات !! ولشدة دهشة النزاح قال النواب الكبير : توكل على الله ..شوف شغلك !!
وفعلا قضى النزاح يومه وهو يبحث عن الليرة المفقودة وسط اكوام القاذورات حتى وجدها وقدمها الى النواب فأعطاه كما وعده سبع ليرات وقبل ان ينصرف النزاح سأل النواب عن سر هذه الليرة التى كلفته سبع ليرات فقال النواب : شغلتنى !!, كلما نمت حلمت بها !!وكلما استيقظت تذكرتها !! وكلما تمشيت تذكرت كيف وقعت وتدحرجت وكيف سقطت فاسأل نفسى اين مكانها الآن يا ترى ؟! وماذا حل بها ؟! ولكن الحمدلله الآن استطيع ان ارتاح من التفكير بعد ان صارت ليرتى المفقودة أمامي!!.
ربما يكون منطق النواب الكبير هو كلمة عاقل براس مجنون او العكس تماماً !! ولكنى أراه  الحل الوحيد المتوفر الذي سيحل لنا أحجية لغز ضياع ملياري دولار الداو داخل “بالوعة ” الفساد وتفرق دمها بين قبائل الحكومات والتيارات !! , فتبخر مليارين فى الهواء ليس أمراً عاديا يمكن تجاوزه “وتكبير المخدة وفرد اللحاف ” من بعده!! بل هو ابن مليار ستين لون من ألوان الطيف لا يمكن رسمها على قماش لوحة ” طاف ” وتاكل غيرها !! لا تتركوا نواباً وحكومة وشعباً موضوع الداو يمر برداً وسلاما ولا تسمحوا لهمه ان يعانقنا كل يوم ولا تسمحوا لغمه ان يحضننا كل ليلة بل “زهبوا حساباً عسيرا الداو قبل الفلعة الكبرى ” التى ستتسبب بهدر المزيد من دماء المليارات تلو المليارات النازفة حتماً من جرح الفساد المفتوح !!
 فداء عين المليارين الف الف عين مليار  تكرم فلا تبخلوا فى البذل محليا وخارجيا لمن يستطيع جمع الخيوط من شرانق الوثائق وتتبع الاثر المطبوع على صفحات البحار ورفع البصمات من الهواء الجوي  وتقمص دور الظل لمراقبة انفاس من تسبب شهيقه وزفيره بهذا الهدر الملياري, واستعينوا إن امكن بمباحث الجن الازرق وقدموا لهم شيكات المليارات المصدقة من بنك “برهوت “وبختم الزئبق الاحمر !!  لا تبخلوا على مليارينا الذبيحين بأضاحى المليارات ولا تستبدلوهما بالترليونات وكونوا تماماً كالزير فى ما يخص موضوع كليب وقولوا كما قال : نريد مليارى الداو حية او نشعلها حرب ” فلوس ” ! وإما “مليارين ” تسر الصديق وإما ” مليارات ” تغيظ العدا, وعلينا وعلى “غراماتنا” يا رب !!.