كتاب سبر

الحياة النقابيه مدرسة ممتازة للتمرس بالديموقراطية

للنقابات الحرة  دور هام وأساسي في الدول  الديموقراطية، فهي حلقة الوصل بين رب العمل والعمال، فمن دونها تهدر حقوق العمال.. وهناك الكثير يتساءل: ماهي النقابات؟ ومادورها في المجتمع؟.
النقابات الحرة، المستقلة عن السلطة السياسية، عنصر أساسي في بنية الديمقراطية السياسية والاجتماعية، فهي ملاذ العمال في كل مجالات العمل في القطاع الخاص أو العام، تنطق باسمهم وتدافع عن حقوقهم وتحاول تحسين أوضاعهم. إن الغالبية الساحقة من الراشدين هم عمال أو موظفون، يشكلون قطاعا هائلا من المجتمع المدني، وبما أن السياسة تهدف أولا لتحسين أوضاع المواطنين فمن الضروري أن يكون لهم دور سياسي هام.
بدون النقابات يبقى الفرد وحيدا أمام جبروت ورحمة رب العمل، فالنقابة هي قوة تحد من سلطة الدولة وسلطة رأس المال لصالح الأغلبية العاملة.
 يمكن تحسين العدالة الاجتماعية بالانتساب إلى النقابات وبهذا تنمو الديمقراطية الاجتماعية التي هي أساس الديمقراطية السياسية، الدول الأكثر عدالة اجتماعية هي التي فيها نسبة عالية من العمال النقابيون (82% في السويد) المجال المفضل لخلق أجواء ديمقراطية هو العمل النقابي الذي يحدد علاقة رب العمل بالعمال بشكل واضح وسليم في المؤسسة، فمشاركتهم في الإنتاج وتسيير المؤسسات ي ضرورة ديمقراطية وضرورة اقتصادية، أظهرت دراسات متعددة في دول متقدمة أن المنظمات النقابية القوية تساهم ايجابيا في الانتاجية ورفع مستوى دخل العمال ونمّو  أكبر للعدالة الاجتماعية، ولقد بينت التجارب كذلك أن إشراك العمال في إدارة الشركات كما هو الحال في السويد مثلا أدى الى تحسين الانتاجية والى علاقات اجتماعية سليمة، التفاوض بين أرباب العمل والنقابات تساعد على تبادل المعلومات واتخاذ القرارات الملائمة لكل الأطراف شرط أن تدور في أجواء شفافة، هذه التعاملات بين الاطراف تساعد على تخفيف البطالة  وإيجاد حلول ملائمة للمؤسسات وللاقتصاد  بشكل عام، هذا الحوار الاجتماعي يبني  ويضمن نمو وازدهار اقتصادي عادل.
ترى المنظمة العالمية للنقابات أن  مفهوم العمل اللائق بالإنسان يعني حصول كل شخص، رجل أو امرأة ،على عمل منتج وفي أجواء من الحرية والعدالة والأمان والكرامة، مفهوم العمل هذا له  أربع ركائز:  تشجيع زيادة فرص العمل، ضمان حق العمل، الضمان الاجتماعي والحوار الاجتماعي.
النزعة الديكتاتورية نراها غالبا في مجالات العمل، خاصة في اقتصاديات البلاد النامية، فرب العمل يأمر والعمال ينفذون، والفرد يعامل كآلة يمكن تحريكها من مكان إلى آخر، أو عزلها تبعا لمشيئة ونزوات المسؤول ومتطلبات العمل والإنتاجية المقررة بأقل ما يمكن من التكلفة.
حق الاضراب في الديمقراطيات المعروفة هي من الحقوق المعترف بها في دساتير هذه الدول، الإضراب هو ظاهرة اجتماعية أساسية وملازمة للديمقراطية، في حال استهتار قوى رأسمال  أو الدولة بحقوق العمال والموظفين، من الضروري لهؤلاء أن يحتجوا ويضربوا عن العمل للحصول على حقوقهم وحصصهم  المشروعة من الخيرات، بهذا يتولد في المجتمع توازن بين الاطراف، وللتقليل من كثرة الاضرابات يجب زيادة نسبة النقابيين وإعطاء فرص أكبر للمفاوضات المباشرة بين أرباب الاعمال أو مدراء المؤسسات والنقابات للوصول الى حلول معقولة.
الحياة النقابية مدرسة ممتازة للتمرس بالديمقراطية عن طريق الحوار واتخاذ القرارات والتصويت الحر واختيار القيادات والدفاع عن مكاسب العمال.