منوعات

لعب أطفال العراق.. رشاشات ومفرقعات وقنابل صوتية

لقصة ذاتها في كل عطلة صيفية، فما أن يعلن جرس المدرسة عن دقاته الأخيرة إيذاناً بانتهاء الموسم الدراسي، حتى تبدأ معاناة الأهل وتستنفر الكوادر الطبية.
فعلى الرغم من تحذيرات وزارتي الصحة والداخلية والمنظمات المعنية بشؤون الطفل إلا أن ركض التجار وراء الربح السريع يفشل التحذيرات.
ظاهرة لُعب الأطفال المحرّضة على العنف وقتل البراءة مستمرة بالتوسع، خصوصاً أن أنواعاً متطورة وذات ألوان براقة وجاذبة قد غزت الأسواق مؤخراً، آلات جارحة، ومفرقعات، وقنابل صوتية، ومسدسات، ورشاشات تستخدم الكرات المطاطية والمعدنية والتي غالباً ما تسبب أضراراً جسيمة في العينين وفي الوجه وبقية أعضاء الجسد الطفولي الهشّ.
الاتجار بعالم البراءة
وقبل أن نستطلع آراء المختصين تجولت العربية نت في مجمّع الشورجة، السوق البغدادية المركزية لمختلف البضائع والممول الرئيسي لبقية المحافظات، وهالنا ما وجدناه من أنواع وأحجام ومستجدات على صناعة الألعاب “العسكرية” والتي لا يكاد الناظر يفرّق بينها وبين السلاح الحقيقي.
التاجر (أبومحمد) قال لـ”العربية نت”: “إن أغلب البضائع تأتينا الآن من الصين حسب متطلبات السوق وإقبال الأطفال والمراهقين عليها، وأفضل مواسم البيع بالنسبة لنا هي أشهر العطل المدرسية وأيام الأعياد. أما الأسعار فتختلف بحسب النوع والحجم، فهناك ألعاب بلاستيكية رخيصة، وهناك ألعاب غالية ولا تقدر عليها ميزانية الأسر الفقيرة، خصوصاً تلك التي تستخدم الليزر، والرصاص المعدني (الصجم) وقوة الصوت المقترن بالإضاءة!”.
سيدة عراقية سمعتنا نتحدث عن هذه الألعاب فتداخلت معنا قائلة إن ابن أخيها قد خسر إحدى عينيه في (معركة) بين أبناء شارعهم وأبناء شارع آخر!
 
وأردفت: “إنهم يقلّدون ما يجري من (اشتباكات) يرونها في التلفزيون أو أفلام الأكشن والكارتون، حتى إنهم يختطفون طفلاً أو طفلين من أعدائهم، قبل أن نتدخل نحن ونطلق سراح المخطوفين مقابل (فدية) طبعاً، وقطعاً لن تكون قالب نستله أو كاكاو، ثم تشير إلى علبة ذخيرة.. وتمضي!.
تسويق ثقافة العنف لصالح مَنْ؟
يقول الدكتور إسكندر الأعرجي (طبيب العيون المعروف) لـ”العربية نت”: “في كل عطلة مدرسية أو مناسبة من المناسبات المفرحة كالأعياد مثلاً، للأسف يحوّلها الأطفال غمّاً للأهل، والسبب.. الألعاب المسلحة التي لا تقلّ فتكاً بالطفولة من نظيرتها التي تفتك بالكبار، فنرى الكثير من الإصابات خاصة في العيون، مسببة أضراراً عميقة في القرنية والقزحية وفي الشبكية أيضاً، وقد يخسر المصاب عينه إلى الأبد. فضلاً عن أن هذه الحوادث تشكّل عبئاً على المستشفيات التي تعاني أصلاً من عبء حوادث العنف والسيارات المفخخة.
أما الكاتب والشاعر المختصّ بأدب الطفل جليل خزعل، فيقول إن الأمر لا يخلو من مؤامرة تشارك فيها أطراف داخلية وخارجية، وإلا ما معنى هذا الخراب الذي يُراد له أن يشيع في نفوس أطفالنا.. ومن الجهات التي تقف وراءه؟
ويضيف خزعل لـ”العربية نت”: الظاهرة خطيرة ويجب أن تأخذها الجهات الرسمية على محمل الجد؛ لأنها تكرّس النزعة العدوانية لدى الأطفال في مجتمع غرس فيه المحتل الطائفية والاحتراب.
 بل وتحوّل هذا النهج إلى شعارات ومناهج عمل لكتل وأحزاب سياسية لها حضور، والطفل عبارة عن ورقة بيضاء بإمكانك الكتابة عليها سلاماً أو حرباً، وستجد انعكاس كتابتك على سلوكه في المستقبل، وقديماً قالت العرب: التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.
لكن مما تجدر الإشارة إليه أن وزارة الداخلية تحذر دائماً من استيراد هذه الألعاب ومن ألعاب مفخخة ترميها جهات تخريبية في الشوارع والمناطق القريبة من تجمعات الأطفال لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية.. وهو ما يستوجب انتباه الأهل والحكومات المحلية.