سوالف / المجلس الأعلى «للتحنيط» و«الترضية» !
محمد جوهر حيات
بلا شك نحن بحاجة لوجود كيان مؤسسي كالمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية يقوم على وضع الخطط والاستراتيجيات العلمية المدروسة لنهضة وتنمية ورُقي وطننا من خلال الاهتمام بالمواطن وهويته والعمل على تطوير العنصر والمورد البشري وخلق بيئة عملية وتنموية له كي يقوم بدوره الفعلي والتنموي في نهضة وتقدم وطنه، ولا شك أيضاً أن المجالس ذات الصيغة التخطيطية والتنموية يقع على عاتقها تهيئة وصناعة المقترحات العملية والواقعية التي تساعد على المسير في جادة الصواب نحو هدف التنمية المشهودة وهي بحاجة لأفراد لديهم القدرة على صناعة وفعل ذلك عبر الواقع، فالمسؤولية موسعة وبحاجة لعدة مختصين في جميع المجالات المتشعبة، فنحلم جميعاً كمواطنين في تطوير الخدمات الصحية والتعليمية والارتقاء بهما وخلق بنية تحتية متينة تليق بوطن يتجه للعمران الاقتصادي والتجاري وعودة منابع الابداع البشري التي تساعد على صقل هوية المواطن المنتجة والمثمرة كالثقافة والأدب والمسرح والفن والرياضة وزراعة الوحدة الوطنية وغرسها في عقل وقلب المواطن وتطوير الممارسة الديموقراطية والحفاظ على العقد الاجتماعي (الدستور) وصيانة قيمه السامية من عدالة ومساواة وحرية ولا ننسى ضرورة توضيح وتجميل ملامح القيم الانسانية في المجتمع فلا تنهض الأمم وتنمو الا من خلال فهم أبسط قواعد التعامل الانساني!
ولكن لنكن صادقين مع أنفسنا هل حققت كل الهيئات الادارية السابقة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية هذه المطالب الحقة؟ وهل من تم اختيارهم سابقاً ولاحقاً هم على قدر المسؤولية؟ وهل كان اختيارهم على أسس تخطيطية وتنموية وتخصصات وخبرات عملية وعلمية أم وفق معيار المحاصصة العرقية والمذهبية والشيخة والترضية؟
منذ انشاء هذا المجلس لم نلتمس يوماً ما التخطيط والتنمية بل تجرعنا مرارة (التحنيط والترضية)، فشاهدنا أمام أعيننا عبر كل تلك السنين جميعاً تردي الخدمات الصحية والتعليمية وتراجع الدور الثقافي والأدبي والمسرحي والفني والرياضي وتهالك البنية التحتية واندثار الوحدة الوطنية بتفاقم الطائفية والقبلية والعنصرية والعائلية وانحراف الممارسة الديموقراطية من قبل السلطتين وانعدام القانون وعدم احترامه وفقد المواطن الثقة في مؤسسات الدولة ومعاناة الانسان تحت حجة عدم امتلاكه الجنسية وقتل القيم الدستورية من عدالة ومساواة وحرية من خلال الانتقائية في تطبيق القوانين وانتشار (الواسطة) وتكميم الأفواه عبر قوانين المنع والتقييد وتفاقم ظاهرة الاستهلاك والتعدي الصارخ والمتكرر على مال البلاد والعباد وطفح حالة عدم الرضى لدى أغلب المواطنين!
لم ولا ولن نرى التخطيط والتنمية ما دام الاختيار قائماً على المحاصصة والمراضاة في تشكيل هذا المجلس، وهل يُعقل أن من يقدم لنا الحلول التنموية هم مجموعة من الوزراء الذين لم يوفق أغلبهم في ادارة وزاراتهم على مر كل تلك السنين! يا سادة (فاقد الشيء لا يعطيه)، ولا تنمو الأوطان بالأقوال ولا تتوقعون خيراً ونتائج جديدة ايجابية في ظل تكرار اسلوب وسلوك قد سلكناهُ سابقاً ولم يحقق لنا سوى الاخفاق والتراجع والتخلف والى متى نُكرر الكرة التي (كرت) طموحاتنا كأمة!
نرجو التوفيق للأعضاء الجدد في المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، ورجاؤنا كبير بالشباب الطموح من الأعضاء، ونرجو أن يزيلوا فكرة التحنيط والترضية التي عششت في واقعنا وعقولنا وندعو الله أن يعينهم ويرزقهم الصبر تجاه ما سوف يلتمسونه من أغلب زملائهم!
أضف تعليق