أقلامهم

صلاح الفضلي: النموذج البديل عن نظام بشار هو النموذج التكفيري على غرار نظام طالبان.

شقشقة 
بشار أم جبهة النصرة؟ 
د. صلاح الفضلي 
لا أعتقد أن هناك شيئاً أضر بمسار الثورة السورية من دخول الجماعات التكفيرية المسلحة على خط هذه الثورة، وإذا كان تورط هذه الجماعات التكفيرية موارباً في بداية الثورة فإنه أصبح مكشوفاً ومعلناً في الآونة الأخيرة، وتكرس بإعلان جبهة النصرة، وهي الجماعة الأكثر نفوذاً بين الجماعات المسلحة التي تقاتل النظام، بيعتها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وبالتالي كشفت الجبهة بوضوح عن توجهاتها العقائدية ومنطلقاتها الفكرية التي تبناها «التنظيم الأم» من خلال نشاطه «الجهادي» في كل من أفغانستان والعراق والصومال والسعودية، وهو الذي جر المآسي والويلات في كل مكان حل به. 
وفقاً لما ذكره المبعوث الأممي لسوريا الأخضر الإبراهيمي، فإن هناك ما يقرب من 40 ألف مقاتل أجنبي في سوريا من دول عربية وإسلامية وحتى غربية، وآخر ما كُشف عنه ما نشرته جريدة «اللوموند» الفرنسية عن وجود 200 مقاتل يحملون الجنسية الفرنسية، وغالبية هؤلاء المقاتلين الأجانب منضوون تحت لواء جبهة النصرة ذات التوجهات التكفيرية، وبالتالي فإن النموذج المطروح كبديل عن نظام بشار هو النموذج التكفيري على غرار نظام طالبان الذي كان يحكم أفغانستان.
إذا كانت الثورة السورية بدأت بداية طبيعية مثل بقية الثورات العربية في تونس وليبيا ومصر، حيث الشعب يطالب بتغيير النظام القائم، فإن مسار هذه الثورة سرعان ما أخذ منحى آخر مختلفا تماماً عن بدايته، وذلك بسبب التدخلات الدولية، لينتهي كصراع دولي متعدد المحاور، تتقاتل فيه دول هذه المحاور على الأرض السورية، والأسوأ من ذلك أنه تحول إلى صراع ذي بعد طائفي وبشكل صارخ منذ بداية معركة القصير، وهو ما يجعل منه خطراً داهماً يهدد المنطقة بشكل عام والدول المجاورة لسوريا بشكل خاص. 
لأن العصبيات هذه الأيام بدت مستنفرة، ولأن الأعصاب باتت منفلتة، ولأن صوت العقل والتدبر أصبح خافتاً، ولأن الصورة غدت مشوهة واختلط الحابل بالنابل، فإنه بات لزاماً التأكيد على جوهر القضية والتأكيد على ثوابتها، لذلك نقول إن من حق الشعب السوري كحال بقية الشعوب أن يطمح إلى نظام يحترم حقوقه الإنسانية ويوفر له الرخاء، ولكن للأسف فإن هذا الشعب المكلوم تُرك ليختار بين نظام قائم مستبد أو نظام بديل يحمل فكراً تكفيرياً متوحشاً، إذا كان من حق الشعب السوري أن يحلم ويطمح بنظام سياسي بديل أفضل من سابقه، فإن هذا البديل بالتأكيد لن يكون من خلال نموذج قاطعي الرؤوس ونابشي القبور الذي تمثله جبهة النصرة ومن على شاكلتها، وإلا فإنهم يصبحون كالمستجير من الرمضاء بالنار.