أقلامهم

زهير الدجيلي: العراق اختلط فيه الحابل بالنابل فلم يعد يرى السهام من أين تأتي عليه.

تدهور أمني خطير وفساد سياسي
الميليشيات الإرهابية في العراق تخرج إلى الشارع
الاسم: زهير الدجيلي
لم يمض يوم واحد على قرار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتغيير جميع القيادات الأمنية على خلفية التدهور الأمني الذي حصد ما يزيد على 700 قتيل وأكثر من 1200 جريح خلال هذا الشهر حتى فوجىء المواطنون باشتباكات مكشوفة في الشارع بين الميليشات الارهابية وقوات الشرطة والجيش في بعض أحياء بغداد،مثل الجهاد والأعضمية وابو غريب، وفي بعض المحافظات مثل كركوك والموصل والأنبار وصلاح الدين وحتى البصرة وغيرها.
خروج هذه الميليشيات بصورة قتالية علنية يعني أولا التحدي الواضح لقرارات الحكومة التي شملت تغيير جميع القيادات الأمنية بدافع الشعور بانها مقصرة في ضبط الأمن وبدافع الشك والريبة بانها مخترقة. والدلالة الأخرى هي عجز المليون شرطي وجندي عن التغلب على هذه الميليشيات التي راحت تكتسب قوة متسارعة منذ منتصف العام الماضي، فضلا عن التدهور بالعملية السياسية والفساد اللذين اصبحا المشجع الأساسي لهذا النشاط الارهابي.
وحسب مصادر القبس فان المواطنين لم يعودوا يأمنون الشارع او الأماكن التي كانوا يرتادونها بأمان، وبعض المواطنين اخبرونا أنهم أصبحوا على قناعة بأن ساعة قتلهم العشوائي بعبوات او سيارات مفخخة قد تحين في أي أماكن، فللمرة الأولى تطال التفجيرات الجمهور المشجع لفريق العراق لكرة القدم بحيث اصبح الملعب من أهداف هذه الميليشيات، وكما يقول المثل تقتل «عامي شامي». وهذا شعور كئيب كان ينتاب الجميع حين اصبح العراق على بركان ارهابي في اعوام 2005 الى 2007 قبل انسحاب القوات الأميركية، وحين كانت معدلات القتلى شهريا لا تزيد كثيرا عما في هذا الشهر والشهور الماضية. وفي هذه الأجواء الملغومة برائحة الدماء المراقة على أسفلت الشوارع وفي ظل اجواء عدم الثقة بين السلطات جميعا، خرج رئيس الوزراء على الشاشة ليقول ان الارهاب بات تهديدا خطيرا، واتهم الأطراف المعارضة لحكومته بأنها وراء هذا التصعيد الذي أقلق واشنطن ايضا فأرسلت نائب الرئيس بايدن ليرى البلد الذي عافته أميركا خرابا وانسحبت منه وتركته للذئاب حسب تعبير الواشنطن بوست. ومن المفارقات ان اغلب الملقى عليهم القبض من قيادات القاعدة وبالأخص المسؤولون عن الكتيبة التي تولت تفجيرات بغداد الأخيرة وهم من الشيعة، وهذا ما يثير التساؤل: من وراء هؤلاء الذين يحاربون الحكومة الشيعية التي تقود العراق الآن؟ هل هم من فصائل شيعية منشقة تنتحل مسميات عديدة،أم انهم بعثيون ناشطون، ام ان وراءهم بعض الأجهزة الايرانية التي تمول مايسمى بـ «الجماعات الخاصة؟».
حقا ان العراق اختلط فيه الحابل بالنابل فلم يعد يرى السهام من أين تأتي عليه.