كتاب سبر

القبيلة والسلطة

حظيت زيارات لأطراف من السلطة إلى بعض شيوخ وعوائل من القبائل باهتمامًا وترقبًا من كل الأوساط الاجتماعية والسياسية.. ولا يمكن أن نغفل طبيعة المجتمع من حيث العلاقات الاجتماعية التي تربطه، وجبله على تبادل الزيارات في المناسبات الاجتماعية سواء بين أطراف من أسرة الحكم وأفراد المجتمع، أو حتى بين الأفراد أنفسهم. 
لكن تأتي محاولات التقارب هذه في سياق الأمر الغير عادي، نظرًا لنتيجة الظروف السياسية الغير عادية في المجتمع، وتحديدًا فيما يتعلّق بالمرحلة القادمة من جهة، وأيضًا العلاقة بالقبائل التي شهدت احتقانًا سياسيًا في فترات سابقة، حيث أن القبيلة تعرّضت قبل سنوات للشتم والطعن والتخوين، لكننا لم نرَ انتصارًا وتحركًا لوقف ذلك، لا من هرم القبيلة ولا حتى من السلطة، لكي نرى هذا المشهد المفاجئ وهذا الانفتاح بين الطرفيّن دون سابق إنذار، وكأن شيئا لم يكن ودون اعتذار عن ما لحق بالقبيلة وأبنائها من مس وشتائم تعدّت الخطوط الحمراء. 
في الواقع.. لايمكن رؤية وفهم هذا التحوّل ونقل المعركة السياسية داخل القبيلة، إلا من خلال محاولة تكسير وتحجيم وخنق المعارضة القبلية التي لعبت دورًا استثنائيًا ورائدًا في الوقوف ضد التجاوزات الدستورية وحماية المال العام من خلال عملها البرلماني إلى جانب دورها المشهود في قيادة دفّة الحراك السياسي ومقاطعتها العريضة للانتخابات الماضية في تحدي وفي رفض للسلطة ضد الاستفراد بالقرار، وإن كانت هذه المعارضة حاليًا خارج المشهد السياسي، إلا أنها تشكّل مصدر قلق للسلطة داخل مربعات المجتمع السياسي، إلى جانب الأطراف التي تساند المعارضة ممن ينتمون لكتل سياسية أو حتى على مستوى الناشطين من باقي مختلف فئات المجتمع. 
لذلك لا يمكن فهم سلوك السلطة في محاولة تعويم مشيخة القبيلة، بعد نسيان وتهميش طويل إلا في إطار ترتيبات وأهداف تخصها في المرحلة المقبلة، هذا من جهة ومن جهة أخرى، محاولة إيجاد وخلق صراعًا اجتماعيًا وسياسيًا داخل القبيلة يضعف تلك المعارضة في ظل ما تشهده الساحة من انحسار للحراك السياسي والاختلاف السائد بين أطرافه. 
وقد بدأت مؤشرات هذا التحرّك بوضوح من خلال الانقسامات بين طرف داخل القبيلة يؤيد هذا المسلك وطرف آخر يعتبر ذلك أمرًا رجعيًا، وعودة للوراء وتجاوزًا للدستور وهدم لدولة المؤسسات والمجتمع المدني الذي يحاربون السلطة من أجل ترسيخ هذا المفهوم في وقت بدأوا مرحلة تنظيمية من خلال مؤسسة العمل السياسي، وبدء الانخراط في تنظيمات سياسية أشبه بالحزبية، عوضًا عن العمل الفردي فيما هم يرون أيضًا من الخطورة بمكان في هذا الوقت منح السلطة دورًا لمشيخة القبيلة تتجاوز فيه الحدود الاجتماعية المفروضة لها، والقفز للعب أدوارًا سياسية  تناكف فيه عمل البرلماني، مما يشكّل وصولًا وهدمًا وتفريغا لركائز النظام الديمقراطي في الكويت. 
بقلم.. عبدالله الفويضل