أقلامهم

ناصر المطيري: أصبح لدينا «مؤسسة للفساد»، أن الفاسدين من سرّاق وحرّاق يعملون بشكل مؤسسي منظم.

خارج التغطية
من يحرق الكويت؟
ناصر المطيري
أن يحترق موقع في السكراب كما اعتدنا في حرائق متعددة في السابق قد يكون له مبرر أو عذر من سوء تخزين أو عدم اتباع اجراءات السلامة الكافية ولكن أن يحترق مشروع قيد الإنشاء مثل المدينة الجامعية في الشدادية وهو تحت اشراف اكفأ مهندسي الدولة وشركات كبرى فهذا أمر يحمل علامات استفهام وتعجب كبيرة.
حريق مشروع جامعة الكويت ليس حادثا عابرا ولايجب أن يمر لأن رائحة الفساد تفوح منه، ويد الفعل الفاسد بالتأكيد تترك بصماتها في هذه الجريمة، ولكن وبكل مرارة وأسف نقولها: الحادث سيمر دون أن تمس يد السلطة والقانون طرف الجاني المستتر.. لأن السجن لم يوضع لأهل الفساد ولا لتجار الأغذية الفاسدة ولا المعتدين على المال العام ولا للضاربين في الوحدة الوطنية، بل السجن لغيرهم، لأن القاعدة باتت مقلوبة في هذه المرحلة.
القضية ليست مجرد حادث حريق هنا أو هناك بل هي في مدلولات وأبعاد تلك الحرائق التي تعكس حالة حريق عام يشتعل في أطراف ثوب الوطن بنيران الفساد تارة وبشرار السياسة تارة أخرى.. والسؤال الدائم مَنْ المسؤول، مَنْ الفاعل؟ كل الحرائق ضد مجهول ليبقى الشعب جاهلا.
مليارات تسرق ومنشآت تحرق.. هذا هو العنوان العريض في كويت اليوم، فلا قوانين تردع ولا ضمائر تمنع.. قضايا الفساد من سرقات ورشى تكدست على أرفف الحفظ في محاكمنا دون أن نجد لصا كبيرا يتم حبسه ليُشفى ضمير المجتمع ويُردع به الناس.. بل على العكس أصبح «كبار السراق» يتصدرون المجالس ويتشدقون بالإصلاح ويتزعمون جماعات محاربة الفساد!، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي لْحَيَاوةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى امَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}.
الفساد في البلد لم يعد فسادا فرديا يمارسه أشخاص منحرفو السلوك أو بعض الطامعين ومرضى النفوس بل أصبح لدينا «مؤسسة للفساد» بمعنى أن الفاسدين من سرّاق وحرّاق يعملون بشكل مؤسسي منظم. فمؤسسة الفساد تلك لها كبار موظفيها في الدولة من طبقة سياسية رفيعة تستعين «بغطاء نيابي فاسد» تطعمه من فتات نهبها لثروة الأمة بلا وازع ولا رادع.. وتضم مؤسسة الفساد موظفين عامين وصغاراً هم بمثابة الأدوات التنفيذية الظاهرة لجرائم الكبار، والجميع من القاعدة في مؤسسة الفساد إلى قمة هرمها الجميع شركاء في مصالح الجشع ومتورطون في انتهاك الوطن، لذلك تجدهم متعاونين على الاثم والعدوان ولاعزاء للوطن.