كتاب سبر

الدستورية بداية التصحيح

في الوقت الذي يترقب الشارع  الكويتي حكم المحكمة الدستورية 16 الجاري و الذي سيحدد مصير مرسوم الصوت الواحد، فإن التحدي الحقيقي هو مابعد حكم المحكمة الدستورية بغض النظر عن نوع حكمها سواء حصنت المحكمة المرسوم بصوت، أو أبطلته والاحتمال الأخير أمر مستبعد حتى الآن لما قدمته مؤشرات أولية وهو الترتيبات الاجتماعية الأخيرة، وإذا كانت السلطة تعتقد إنها بمأمن من الرفض الشعبي بهذه الترتيبات وستمهد لتحصن المرسوم فهي كمن يطبق النظرية القديمة ” من مأمنه يأتي الحذر”، فالمجتمع بكافة أطيافه صار مهيأ لفكرة التغيير والأمة خارج بيتها التشريعي والتغيير قادم لامحالة  والتعديلات الدستورية والنظام البرلماني الكامل والإصلاح السياسي كل هذا وغيره بات مسألة وقت لاأكثر والحراك الشعبي سيستمر ولن يتوقف بعد الآن، وسينقل البلد من حال إلى حال حتى لو جاء مشوبا بلهجة عنيفة أو صوت حاد أو عنف لفظي فغالبا التغيير في حياة الشعوب  لايأتي بشكل ودي ولابد من لفت الأنظار إليه.
وما سيعقب حكم الدستورية حركة تصحيحية شعبية تعرف بالتحدي والاستجابة تفرضها متوالية القرار بعيدا عن الرغبة الشعبية التي تمارس البقاء على قيد اليقظة وحافة الحلم، فما فعله الحراك الشعبي في الشارع خلال الفترة الماضية نجح في تسليح الوعي المجتمعي بحق المواطنة وشحذ الهمم نحو التغيير والإصلاح وأرسى ثقافة سياسية جديدة تؤتي ثمارها الآن وهذا أهم غنائم الحراك الشعبي لكتلة الأغلبية حتى الآن بتصوري، والبيان الذي صدر منذ ساعات وبتوقيع مجاميع شبابية مختلفة رافضة التحصين وملوحة بمسيرة رفض كبرى خير دليل على ذلك.
فمن يملك مفاتيح قراءة المشهد السياسي بموضوعية سيرى حتما الكم الهائل الذي خلفه الحراك الشعبي من مصطلحات ومفاهيم جديدة نحتها في العقلية الكويتية خارج الإطار التقليدي والنظرة التاريخية للحاكم والمحكوم ورفض النظم الشمولية في هذه العلاقة.
وبالتالي من يراهن إن الحراك سيموت مستقبلا حتى مع التودد الحكومي فهو واهم فقد ولد ليعيش،  يخبو ويتوهج، يضعف مع أساليب الحكومة ويقوى بانكشاف أوراقها واحتراقها، وهكذا لكنه لايموت، ومن يراهن على تفتيت المعارضة أو سقوطها سيجد نفسه في الكفة الخاسرة لان ائتلاف المعارضة الذي صار يضم كتل وأحزاب عدة قد يصل الخلاف بينها إلى أن يكونا توأمين لدودين لكن  المعارضة لن تتحول في أسوأ خلافاتها الداخلية إلى عدوين لدودين، فقد أثبتت الأحداث ومحاولة الحكومة تفتيت المعارضة إن الأخيرة قادرة على تجاوز الأهواء ومقاومة الشخصنة والاندفاع بتجرد وموضوعية كاملة نحو أهدافها من جديد فخريطة الطريق واضحة أمامها .
وأخيرا حكم الدستورية سيجر البلد إلى خير خالص أو شر محض، وفي جميع الأحوال سواء جاء سلبيا أوإيجابيا ستتبعه الحركة التصحيحية لإدارة الدولة، وهو البداية التى لن يعود معها أي من الأطراف الشعبية إلى المربع الأول وحتى تحقق طموحات المواطن يوم لاينفع السلطة نرجسيتها السياسية .

منى الشمري
@monaalshammari