بورتريه

“شارون” سفّاح متطرّف.. لم يقتل شعبه

في تلك الدولة التي زرعت في خاصرة الأمة على تعاليم التطرّف الديني اليهودي، لم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحادي عشر “آرئيل شارون” يملك هامشًا ولو بسيطًا لتجاوز قوانين دولته وآليات المحاسبة فيها.. فأصبحت كل مشاريعه الدموية والمجازر التي تمت برعايته لصالح بقاء موطنه.. والحفاظ على سلامة شعبه.
ذلك المزارع الذي ولد في قرية “كفار ملال” بفلسطين في عهد الانتداب البريطاني، ذو الأصول الشرقية الأوروبية يراه الإسرائيليون – بالإضافة إلى خبرته العسكرية – بأنه من السياسيين المخضرمين المثيرين للجدل.. انقسم الشعب الإسرائيلي كثيرًا لأجل أفكاره المتطرفة ودعواته المباشرة لإبقاء الصراع ضد الفلسطينيين محتدمًا، وتجنّبه لأي مساعي للتهدئة، حتى أن زيارته للمسجد الأقصى في سبتمبر عام 2000، كانت الشرارة التي أشعلت الانتفاضة الفلسطينية، واستمرت 4 سنوات، وراح ضحيتها 9000 فلسطيني خلال 3 سنوات فقط.
بداية حياته السياسية.. عندما حصل على مقعد في الكنيست الإسرائيلية عام 1973، وتولى حقيبة وزارة الدفاع في بداية الثمانينات في عهد رئاسة “مناحيم بيغن”، وحدثت في عهده مجزرة مخيّم “صبرا وشاتيلا” في العاصمة بيروت التي ارتكبتها الميليشيات المسيحية اللبنانية، مما أثار سخط المعارضين للحكومة الإسرائيلية، لتطالب بتشكيل لجنة للتحقيق في دور الحكومة الإسرائيلية ومسؤوليتها من هذه المجزرة، واشتمل تقرير اللجنة على توصيات منها تنحية “شارون” من وزارة الدفاع، بسبب تجاهله إيقاف المجزرة رغم المعلومات المتوافرة لديه عن حدوثها.. ورفض “شارون” توصيات اللجنة، مستندًا على عدم تحميله المسؤولية مباشرةً لما حدث، ولكنه تنحى عن وزارة الدفاع بسبب الضغوطات عليه.
وفي آواخر الثمانينات.. حمّلته مجلة الـ”تايم” الأمريكية مسؤولية المجزرة وأشارت إلى تورّط “شارون” فيها، ليقوم برفع دعوى قضائية على المجلة التي لم تقدم الأدلة الكافية لتورطه بالمجزرة، وانتهى الأمر بالدعوى إلى أن المعلومات المنشورة غير صحيحة، ولكن طاقم تحرير الجريدة لم تتم معاقبته، وتم اعتبار ما نشر مجرّد إهمال بدون قصد واضح لتشويه سمعة “شارون”.
رغم تعصّبه وتطرفه.. حاول “شارون” أن يصنع لنفسه صورة معتدلة تمهيدًا للوصول إلى رئاسة الوزراء الإسرائيلية، لينالها بأغلبية ساحقة في 2001، وبعد 3 سنوات بادر في “خطة فك الارتباط”، وذلك لعزل الإسرائيليين أكثر عن قطاع غزة.. وتلك الخطة تسببت بجدل واسع بين الإسرائيليين، رغم موافقة الكنيست عليها، وطالبه معارضوه بعرضها على استفتاء شعبي عام، ولكن “شارون” رفض ذلك، واستمر في خطته وتمكّن من ترحيل أكثر 8000 مستوطن إسرائيلي من القطاع، واستمر حتى عام 2011 لإيواء المرحلين. 
وبعد عام من بداية الخطة، رفض بعض المستوطين اليهود الرحيل عن القطاع، ليقوم الجيش الإسرائيلي بترحيلهم بالقوة، مما تسبب في احتجاجات واسعة، كلّفت الحكومة الإسرائيلية دفع مبالغ تعويضية طائلة مقابل مغادرة المستعمرات.