حوارات

صهيب السميط يصطحب سبر في رحلة إلى جوانب من حياة والده

والدي رزقه الله بزوجة صالحة صابرة.. اتخذت من أم المؤمنين السيدة خديجة الأسوة والقدوة

كان الوالد يقضي في أفريقيا 10 أشهر.. ويمكث في الكويت شهرين فقط على فترات متقطعة

شقيقي (عبدالله) تسلّم دور الوالد وندعو الله أن ييسر أمره

منذ الثمانينات إلى منتصف التسعينات ونحن نرافق والدنا في رحلاتنه الدعوية إلى أفريقيا

أمضى 4 سنوات فقط في مهنة الطب .. تركها بعد ذلك وانشغل بالدعوة إلى الله


قد لا تستوعب بضعة جمل قامة رجل بحجم الراحل الشيخ عبدالرحمن السميط، الذي كان أمة برجل، ورجلاً بأمه.. ودع الدنيا قبل أيام مخلفاً وراءه أعواماً طويلة قضاها في الدعوة إلى الله راجياً ماعنده.. صابراً محتسباً، وهو الذي كان قادراً على أن يعيش حياة الرفاه، وأن يتقلب بالنعم كما يفعل غيره، لكنه أبى وفضّل الدار الآخرة التي هي خير وأبقى، مستلهما من الآية الكريمة: ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين”.

اختار الراحل الشيخ عبدالرحمن السميط  ثواب الآخرة على الدنيا.. فترك مهنة الطب التي لم يمكث فيها سوى 4 سنوات، كما قال ولده صهيب في حواره مع سبر.. وترك الكويت ميمماً وجه شطر القارة السمراء ليقاسم الفقراء فقرهم والأيتام يتمهم والمحرومين حرمانهم، وقد تفضل الله عليه بأن حقق له مايريد، بعد أن أسلم على يديه الملايين، وساهم في بناء آلاف المساجد وطباعة الآلاف من المصاحف، متحملاً الأخطار والعقبات، متحاملاً عليها.

صهيب السميط وفي الحوار الذي خص به سبر قدم غيضاً من فيض والده.. دون أن يتمكن بالطبع من الإحاطة بكل التفاصيل صغيرها وكبيرها.. تلك التي اصطبغت بها حياة الوالد وهو يدعو إلى الإسلام  ويساعد  المنكوبين والمعوزين.

هنا الحوار.. والرأي لكم:

* هل هناك أي من أفراد أسرتكم تسلّم دور المرحوم الداعية عبدالرحمن السميط في الدعوة الى الإسلام والأعمال الخيرية؟

نعم ولله الحمد.. فأخي عبدالله يعمل في جمعية العون المباشر وهو حالياً المدير العام للجمعية، أما رئيس الجمعية فهو وزير الصحة السابق د. عبدالرحمن المحيلان، وبشكل عام فإن الوالد زرع في العائلة حب العمل في مجال الدعوة والخير.. وان شاء الله العزيمة موجودة.
 
* هل تلقيتم اتصالات ممن اعتنقوا الاسلام في تعزية والدك المرحوم؟

الاتصال كثيرة جدا، ولا يمكن حصرها فهناك اتصالات من ايتام وتلاميذ سابقين في جمعية العون المباشر.
 
* وهل زارتكم وفود أفريقية او غيرها؟

نعم…زارتنا مجموعة من سفراء الدول الافريقية وغيرها، والبعض لم يستكع لعدم تمكنهم من الحصول على تأشيرة الدخول لأن معظم السفارات كانت مغلقه خلال إجازة نهاية الأسبوع.

* لاشك ان طريق الدعوة محفوف بالعقبات والمخاطر.. وقد واجه والدكم رحمه الله الكثير منها، فهل نصحه أحدكم بالابتعاد عن هذا العمل الشاق ؟

لا.. لأنه كثيرا ما كان يكرر علينا “ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة”، والشخص معرض للمصائب والفتن  والله عز وجل يقول في محكم كتابه: “أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون” فكنا نحتسب كل ما يصيبه ويصيبنا لله عز وجل.
 
* ما هي المخاطر التي واجهت والدك ؟

الوالد في أفريقيا تعرض الى الكثير من المخاطر.. على سبيل المثال قطاع الطرق وإطلاق النار ومن أظرف المواقف التي مرت حين كان ومن معه في عمل إغاثي لمجاعة في الصومال في شمال كينيا فتعرضوا الى قطاع طرق اوقفوهم ولما أتوا يفتشون في أغراضهم وجدوا في الحقيبة مصحف وقالوا لهم أنتم مسلمون فأجابوهم: نعم نحن مسلمون، فقالوا ما الذي أتى بكم الى هنا، فردوا: نحن أتينا لإيصال المساعدات والإغاثة إلى الصومال، ثم سألوهم: أين أموالكم وأين أموال المجاعة؟.. ففرزوا لهم أموال المجاعة وأموالهم الخاصة، وقال لهم قطاع الطرق: أموال المجاعة أوصلوها أما أموالكم فنحن نأخذها منكم.

* ما هي أكثر المواقف التي تأثرت بها حين يحدثكم والدكم عن سفره الى افريقيا وحول عمله بشكل عام؟


هناك مواقف كثيرة، ولكن أكثر المواقف العالقة في ذهني بعد تعرضه للحادث في العراق حيث أصيب بجلطة في الرجل فعملوا له عملية ودخل مستشفى مبارك وكنت جالساً معه في الليل فأخذتني الغفوة ثم استيقظت ووجدت والدي يبكي، سألته هل تشعر بألم فقال لي لا، وعندما سألته لماذا تبكي، قال: أنا جالس على الفراش وكل من حولي يقوم بخدمتي وأطفال المسلمين وأيتامنا في أفريقيا لو مات واحد منهم او مرض “وين بروح من سؤال رب العالمين عنه” فهذا من أكثر المواقف التي هزتني وما زالت عالقة في بالي.
 
* ما هي أبرز المصاعب التي واجهت الداعية عبدالرحمن السميط؟

الحمد لله كان والدي صاحب هدف وعزيمة ولكن من أكثر الصعوبات التي تمر عليه حين يشعر بالعجز وعدم القدرة على مساعدة إخوانه المحتاجين  وكذلك الهجوم من البعض على العمل الخيري ولكن عزاءه الوحيد كان في الرسول عليه الصلاة والسلام الذي اتهم بالكذب والجنون والشعر والسحر وهو الذي لقب قبل البعثة بالصادق الأمين.

* انشغل الوالد لسنوات في الدعوة في أدغال أفريقيا.. هل أخذت هذه الدعوة من وقته الكثير تجاه أسرته؟

دعوته في أفريقيا ما كانت لتصل الى ما وصلت إليه لولا فضل الله.. ثم إن الله عز وجل رزقه زوجة صابرة محتسبة تشجعه على البذل بالمال والوقت، وأسوتها وقدوتها في ذلك أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها.

فكان المرحوم يقضي تسعة او عشرة شهور في افريقيا وشهرين في الكويت، وطبعا على فترات متفرقة، فبعض الاحيان يسافر شهراً او شهراً ونصف الشهر ويعود للكويت ليوم واحد يقضي معظمه إن لم يكن كله في اجتماعات فيرجع مرة أخرى ويسافر لمدة شهر آخر.
 
* هذا يعني أن مسيرة الداعية عبدالرحمن السميط كان نجاحها مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالدعم الأسري؟

نعم فقد كان لوالدتي دور كبير في ذلك.

* أخوك عبدالله.. هل لقي مشورة من الأسرة أم أنه تسلم دور والده من تلقاء نفسه؟

الوالد رحمه الله عليه كان يرغّبنا بالأعمال الخيرية، والحمد لله هناك رغبة ولكن عبدالله سلك الطريق وتمسك به إن شاء الله ونسأل الله عز وجل ان يسهل أمره ويبارك له في وقته.
 
* هل لقي والدكم دعما من المؤسسات الخيرية في الكويت؟

قبل أن تتأسس جمعية العون المباشر كان اسمها لجنة مسلمي مالاوي ومن ثم اصبحت لجنة مسلمي افريقيا ومن ثم جمعية العون المباشر وكانت تابعة لجمعية النجاة الخيرية في بداية عملها حتى تم إشهارها كجمعية مستقلة، كما أن هناك تعاوناً بينها وبين الجمعيات الخيرية سواء المحلية أو العالمية.

* هل تعتقد ان بعض المؤسسات الخيرية قادرة على القيام بالاعمال الخيرية في الخارج مثل افريقيا؟

بالنسبه لجمعية العون المباشر فهي مؤسسة قائمة بذاتها، قد حرص والدي رحمه الله في بداية التسعينيات على أن تكون جمعية العون المباشر قائمة بذاتها وغير مرتبطة ولا تقف عند شخصه.

وعلى حد علمي فإن معظم الجمعيات والمؤسسات الخيرية كانت قائمة ومرتبطه بأفراد ولكن ولله الحمد بدأت معظم المؤسسات الخيرية بالتحول إلى عمل مؤسسي، وأسأل الله أن يوفقهم.
 
* هل رافق أي منكم الوالدك في إحدى أسفاره الدعوية؟

الوالدة وجميع إخوتي ذهبنا معه الى افريقيا وكنا نذهب معه كل صيف منذ الثمانيات الى منتصف التسعينيات تقريبا، وكنا نذهب الى دول كثيرة مثل السودان والصومال وكينيا وزامبيا وزمبابوي ومالاوي وجنوب افريقيا، وبعض إخوتي زاروا مدغشقر وجزر القمر وتشاد وغينيا.
 
* هل استشعرتم بالخطورة خلال مرافقة الوالد؟

بالطبع.. فقد مررنا على طرق اشتهرت بكثرة العصابات وقطاع الطرق، وقد تعرض الوالد أكثر من مرة إلى الرمي من قبل قطاع الطرق، وفي بعض الأحيان في أعمال الإغاثة كنا نمر على طرق غير معبدة ولا نستطيع ان نسير إلى مسرعين، لأننا إذا خففنا السرعة سيمسك بنا قطاع الطرق، فكنا نسير بسرعات كبيرة بطرق غير معبدة.
 
* الدول التي سافرتم اليها.. هل وجدتم من حكوماتهم التسهيلات والدعم المباشر في متابعة أعمالكم دون أي خطر يصادفكم؟

طبعا.. هي دول فقيرة وليست لديها الامكانيات الكبيرة الموجودة في الدول الغربية او الدول العربية حتى يوفروا لك الحماية وغيرها من الامور.
 
* ما الأسباب الحقيقية التي جعلت والدك يترك مهنة الطب ويتجه الى العمل الخيري؟

 في إحدى لقاءاته التلفزيونية طرح عليه المذيع هذا السؤال.. فقال له الوالد: السبب الذي جعلني أدخل الطب هو السبب الذي جعلني أخرج منه وأتوجه إلا أفريقيا، هو الدعوة الى الله عز وجل، دخوله الى الطب كان لمقارنة ما جاء به الطب مع جاء به القرآن، فلما سنحت له الفرصة بالذهاب الى الدعوة ترك الطب بطيب نفس، رغم انه لم يكمل الاربع سنوات من انتهاء دراسته في الطب.
 
* الدعاة في الخليج هل أدوا دورهم كاملا؟

الدعوة لا تحتاج إلى صاحب علم شرعي أو شهادة في الأصول، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني ولو آية) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ومع الأسف هناك من يرى حال المسلمين ويعلم كم نحن مقصرون وليس الدعاة فقط.
 
* هل تعتقد ان الاعلام الاسلامي مقصر اتجاه الدعاة؟

الحمد لله بدأنا نشاهد بعض القنوات الفضائية الهادفة، ويجب ألا نقول الإعلام الإسلامي مقصر ولكن ماذا قدمنا للدين أو الإعلام قبل أن نتهمهم بالتقصير.
 
* هل والدك كان يشتكي من الاعلام سواء المحلي او العربي او الاسلامي؟

لا يشتكي وكان يشجع ويدفع الشباب للتخصص في هذا المجال لما له من دور بناء وتأثير في حياة المجتمعات.. هو لم يكن يشتكي من الاعلام، فالاعلام له دور جدا كبير في الدعوة الى الله.