كتاب سبر

من وحي الخاطر
الشرعية والانقلاب

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىَ واتَّقُوا اللَّهَ).  
الدفاع عن الشرعية في مصر والرئيس المنتخب مرسي ليست دفاعا عنه بشخصه أو دفاعا عن الإخوان كجماعة بل دفاعا عن الحق ومبدأ احترام الشرعية واليات تداول السلطة السلمية صونا لارادة الامة وحقنا للدماء ولاستتباب الامن في ربوع مصر ودفاعا عن الاسلام والمسلمين الذي ينوي الانقلابيون اقصاءهم من الحياة السياسية ونحن كسلفيين يعلم القاصي والداني مدى الخلاف بيننا وبين الإخوان على مرالسنين الطويلة والمريرة في بعض الأولويات والآليات والتي تناصحنا فيها باللين احيانا وبالشدة وللأسف أحيانا أخرى ومنها موقفنا من مرسي والاخوان في أسلوب إدارتهم للبلاد وامور اخرى في الخليج لايصح اثارتها وهم في هذه المحنة. 
والخلاف الدعوي والسياسي بيننا وبين الإخوان لا يعني إطلاقا أن  ننسى انهم اخوان لنا في الله ولهم حقوق المسلمين من المحبة والولاء والنصرة والنصح ولايعنى ايضا ان نخالف ثوابتا الشرعية والأخلاقية بتأييد انقلاب دموي وخروج على رئيس منتخب برضى أغلبية الأمة ونبارك الخروج عليه بالدبابة ونبدأ بالشماتة بهم وتهويل اخطائهم وإشاعة ثقافة السمع والطاعة للمتغلب فور الانقلاب عليه وكاننا نتربص بهم الدوائر واقول لكل مقام مقال فهناك علم للعامة وعلم لاهل الحل والعقد والخاصة فنعلم عموم المسلمين وجوب السمع والطاعة لولاة الامر المسلمين بالمعروف وحرمة الخروج عليهم ووجوب نصرتهم بالحق ضد من بغى وخرج ظلما ضباطا كانوا او أحزابا او جماعات او دول تحتل اخرى حتى لا يجازف أصحاب الشوكة كقادة القوات المسلحة أو الأحزاب المتطرفة او زعماء متهورين أو عملاء الاستعمار الذين يستقوون بالغرب والآلة العسكرية لفرض طغيانهم على الأمة وندخل في دوامة الانقلابات او الاحتلال من جديد وزعزعة امن مجتمعاتنا وسفك الدماء وانتهاك الحرمات وسلب الأموال كما نشاهد اليوم في مصر من الانقلابيين ضد من يرفض خروجهم على الرئيس الشرعي المنتخب.
 لقد دفع الرافضون للانقلاب ثمنا غاليا من دمائهم الزكية ضد الانقلاب الجائر ودفاعا عن هوية مصر الإسلامية ولترسيخ مبدأ احترام إرادة الأمة ولعل شباب وشابات الإخوان المسلمين بل وشيوخهم هم أكثر من أزهقت أرواحهم البريئة وضحوا بنفوسهم رخيصة في سبيل الله ومعهم بعض إخواننا السلفيين وعموم المصريين فرحم الله الجميع وتقبلهم شهداء عنده ورغم الحزن الذي خيم على نفوسنا ونحن نراهم وهم عزل من السلاح ومسالمين يصرعون أمامنا بالرصاص الحي ويحرقون أحياء بلا رحمة من الانقلابيين عليهم من الله ما يستحقون إلا أنهم أصروا على المضي في طريقهم وبسلمية ، إن تضحياتهم بين الشهادة والسجن ستكون سببا بعون الله في حماية هوية مصر الاسلامية واستقلال منصب رئيس الجمهورية المنتخب من هيمنة الجيش عليه مستقبلا وكذلك رفض إقالته بانقلاب بحجة المظاهرات بل وصل الأمر أن لجنة العشرة التي عينها الانقلابيون من المختصين لوضع مسودة الدستور رغم سلبياته والتحفظ على بعض مواده وآلية كتابته أكدت حسب تصريح مقررها المستشار علي عوض أن عزل الرئيس لا يكون إلا بواسطة مجلس الشعب وليس بالمظاهرات أيا كان عددها وهذا أمر لا يختلف عليه العقلاء فلا يجوز اصطناع أحداث من العسكر أو تيارات سياسية او تواطئهم معاً لعزل رئيس منتخب وإلغاء إرادة الأمة بالدبابة  فإما انتخابات مبكرة أو في وقتها الدستوري أو عزله بإجراءات دستورية من مجلس الشعب المنتخب من الأمة وكذلك دمائهم الزكية دفعت اللجنة نفسها إلى عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع رغم محاولات التيارات العلمانية والليبرالية والانقلابيين إلغاءها وتضحياتهم الغالية تدفع الانقلابيين إلى المسارعة إلى إنهاء خارطة طريقهم والعودة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية ورفض عزل الإسلاميين من المجال السياسي والدعوي الذي كان هدفا لهم.
 ولا ننسى أن إخواننا ماسفكوا دم احد من الناس ولا نهبوا أموالهم بل هم ضحوا بدمائهم وأموالهم في سبيل الله رغم أنها عزيزة علينا والله هذه الوجوه المؤمنة المحتسبة رجالا ونساءً وكنا تمنينا عليهم كسلفيين في مصر سواء مجلس شورى العلماء أو حزب الوطن أو حزب النور وباقي رموز الدعوة السلفية قبل الانقلاب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة  او استفتاء على الرئاسة وحكومة وحدة وطنية درئا للفتنة وسحبا للبساط من تحت أقدام جبهة الإنقاذ والعسكر والفلول  كما تمنينا عليهم كذلك في اواخر رمضان فض الاعتصامات ثاني أيام العيد وإبقاء قوتهم وشبابهم للمستقبل وعدم اعطاء الفرصة للمجرمين لقتلهم بالسلاح والسعي لإسقاط الانقلاب بوسائل متنوعة أخرى لاتكلف الأرواح والدماء كالمسيرات كل جمعة كما في ثورة يناير التي أسقطت حسني وفضح الانقلاب إعلاميا ومحاربته معنويا وان اياما معدودة كفيلة بوضع الانقلابيين في مواجهة مع الشعب سواء بمطالباتهم المعيشية او رفض انتهاكاتهم الامنية.
وهذا مابدأ يظهر على السطح في الايام القلائل الفائتة من ردود فعل غاضبة ورافضة للقمع والاستبداد من الانقلابيين حتى ممن كان في جبهة الانقاذ المتواطئة او من مؤيدي الانقلاب إلا أن قدر الله ماض  في عباده والحمد لله على كل حال ولاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم ولكل مجتهد نصيب  حتى يعلم الجميع واخواننا السلفيين خاصة اننا نتناصح ونتواصى بالحق وبالصبر مع كل المسلمين وخاصة اخواننا الدعاة الى الله وبالاخص مع الاخوان المسلمين  ولايفوتني وان اختلفت مع موقف اخواني في حزب النور السلفي في مصر ان اؤكد مرة اخرى انهم اجتهدوا ونراهم اخطئوا ولهم اجر الاجتهاد وان اصابوا فلهم اجران ولايجوز الطعن بهم والتشكيك بنواياهم  وسيرى حزب النور اثر موقفه عليه سلبا أو إيجابا في الانتخابات القادمة هدى الله الجميع إلى الحق وألف بين قلوب المؤمنين.
واليوم أيا كان المسار سقط الانقلاب أو مضت خارطة الطريق فسيسقط الانقلاب كذلك فمئال الأمور والله اعلم إلى الانتخابات خلال اشهر معدودة فعلى الإسلاميين أعداد العدة والتنسيق الكامل بينهم وتجهيز برنامجهم الانتخابي وخطابهم الذي يقنعون به أهلهم في مصر وتثقيف قياداتهم المؤهلة للترشح ليكونوا رجال دولة واعداد كوادرهم العاملة رجالا ونساء ملتزمين ومؤيدين والتواصل منذ الآن مع أصحاب الفكر والرأي ومؤسسات المجتمع المدني وشباب الجامعات والشخصيات المؤثرة اجتماعيا وفكريا وإعلاميا وافتتاح منابر إعلامية متنوعة لمخاطبة الرأي العام والمصالحة مع انفسهم وفئات المجتمع المصري المحافظة ومنذ الآن تقديم شخصية محافظة يتم التوافق عليها للرئاسة سواء من المنتمين للتيار الإسلامي أو المؤيدين له حتى يعلم الجميع من يمثل أغلبية المصريين أحزاب العلمنة والفلول أم الإسلاميين والذين أتوقع لهم بعون الله أن اتكلوا على الله وأخلصوا نيتهم له وبذلوا الأسباب نصرا كاسحا واستقرارا في الحكم خير مما مضى.
( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” )
وأقولها واثقا بالله وحكمته لن تذهب بعون الله دماء الشهداء هدرا ولن ينجوا القتلة بفعلتهم وسيحاكمون جميعا ويقتص منهم بالقضاء وستعود مصر بعد خلاصها من الانقلابيين والبلطجية ان شاء الله خيرا مما كانت وستعود بلاد الكنانة حصنا وعزا للإسلام والمسلمين وأمنا وامانا لاهلها ومن دخلها وسكن فيها واشعاعا حضاريا للأمة العربية والإسلامية 
 ‏{‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏} ‏
والله المستعان