بورتريه

بورتريه ((سبر))
“خالد التيلجي”.. متمرد زاهد بتاريخه

إن أنبل ما يقدمه الأديب في مشواره هو عزله لنفسه عن أي نتاج فكري يقدمه، والزهد بمغانم إبداعه.. فقيد الصحافة وعميدها “خالد خلف التيلجي” لم يحط نفسه بتلك الهالة الإعلامية التي تبقيه تحت الأضواء ومحط أنظار الجميع، وكان من الساعين في عهد لم تولد فيه الديمقراطية بالكويت إلى إنشاء صحيفة، ترفع من مستوى الوعي الشعبي بحقوقه، ولكن طريقه كان وعرًا جدًا لتغلق صحيفته “الشعب” بعد عاميّن فقط من افتتاحها، لأسباب سياسية. 
ليس من السهل على شارع الصحافة، بالوجوه الجديدة التي تتسابق إليه، الإلمام بسيرة “بو وليد”، ولكن جدير بنا أن نحول من خسارة وفاته إلى ربح معرفي بجذور وأساسيات العمل الصحفي المهني، من أول من احترفه في الكويت.. وقدمه بصورة مختلفة ومغايرة.
في عام 1919.. درب أحد الانجليز والد الفقيد على العمل في “التلغراف”، وكيفية استلام البرقيات والرسائل.. لذا سميت عائلته بـ”التيلجي”.
محاولات “بو وليد” لممارسة الإعلام بصورة مختلفة عن السابق مع جهود المثقفين الأوائل الذين سبقوه بإصدار صحف كويتية، جعلت من خسارته كبيرة بإغلاق صحيفته “الشعب” الاسبوعية التي ابتكر فيها زاوية الكاريكاتير، وشخصيتيّ كل من “ولد عريب” و”طبل أفندي” ولميوله إلى القومية العربية، أجرى فيها مقابلة مع الرئيس المصري الراحل “جمال عبدالناصر”، وبعد فشل محاولاته لإعادة الصحيفة للإصدار، اتجه للمحاماة، حيث كان يسمى المحامي في ذلك الوقت بـ”وكيل”.
ورغم تخصصه في القانون، ظل مرتبطًا بالعمل الصحفي، وكانت له علاقات واسعة بالصحف العربية، ومع نخبة من المثقفين الذين بقي حلمهم مستمرًا بإعطاء الإعلام الدور الذي يستحق بين المجتمع.. ولتوجهاته السياسية المناصرة للقومية العربية، قضى 12 عامًا من حياته في المنفى، وارتبط كثيرًا بفرنسا ليستمر في نفي نفسه عن بلده، وسيدفن في مقبرة “نيس” الفرنسية التي أحبها كثيرًا.