أقلامهم

وليد الرجيب: الشباب غير المسيس قليل الخبرة تركوا الميادين قبل أن تتحقق أهداف الثورات.

أصبوحة / هل هي ثورات شبابية أو تكنولوجية؟
وليد الرجيب
من المعروف أن نسبة الشباب في المجتمعات تشكل نسبة كبيرة إن لم تكن الأكبر، كما أن الروح الشبابية هي روح مبادرة وتتميز بالإبداع وهذا ليس استثناء بالتاريخ أو هو ما ميز الثورات العربية، فلنتذكر أنه عندما قامت الثورة البلشفية عام 1917م كان عمر القائد فلادميير إليتش لينين (47 عاماً) بينما ضم حزبه أعماراً أصغر منه بكثير، بل كان الحزب يضم في عضويته أعضاء بعمر الـ 18، علماً بأن لينين نفسه كان بسن الـ 35 في ثورة 1905م، وكان مناضلاً وهو في ريعان شبابه، إذ قبض عليه أول مرة عام 1895م في سانت بترسبرغ حيث كان يبلغ من العمر (25 عاماً) فهو ولد عام 1870م.
ولنتذكر أيضاً أن روبسبير قائد الثورة الفرنسية كان يبلغ الـ (31 عاماً) عندما قامت الثورة في عام 1789م حيث ولد عام 1758م، ومن المعروف أيضاً أن عدداً كبيراً من الطلبة شاركوا بفعالية في هذه الثورة التي غيرت وجه التاريخ، فما الغريب أن تكون المبادرة والمشاركة في ما يسمى «بالربيع العربي» من فئة الشباب؟ لكن المناضلين الشباب يكبرون أيضاً ولا يبقون شباباً إلى الأبد.
كذلك انتشرت مقولة «ثورة التكنولوجيا» أو ثورة «تويتر» و«الفيس بوك»، وهي التي لعبت دوراً حاسماً في قيام هذه الثورات كما يزعمون، لكننا نعرف أنه في جميع الثورات بالتاريخ كانت هناك وسائل تواصل وتوعية وتعبئة، مثل الخطب التي كان يلقيها شباب الثورة الفرنسية على الجماهير، كما لعبت جريدة «الإيسكرا» هذا الدور في التواصل والتوعية والتعبئة، ويقول أحد المناضلين العرب في تعليقه على دور وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الثورات «انها لعبت دور الإيسكرا في الثورة البلشفية»، وسيأتي بالتأكيد زمان تكون فيه وسائل التواصل أكثر تقدماً.
ومن شارك في التحركات الشعبية بدواوين الاثنين في الكويت عامي 1989 و1990م يتذكر أن وسيلة التواصل كانت عن طريق الهواتف الأرضية التي اعتبرناها من الوسائل السريعة التي أتاحها التطور التكنولوجي، وكان من يملك جهاز النداء الآلي «البيجر» أو الـ «بيبر» من النادرين.
لماذا إذاً يتم إبراز وتضخيم دور الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي في الثورات العربية؟ أظن أن الغرض هو إلغاء وتهميش دور الأحزاب والقوى السياسية المنظمة في هذه الثورات، رغم أن الأنظمة المضادة للثورة استخدمت الشباب من البلطجية والشبيحة، كما استخدمت جميع وسائل التواصل الالكتروني في محاربة هذه الثورات بل في ملاحقة المناضلين، ثم من قال ان الأحزاب السياسية لا تضم إلا كبار السن؟ بل إن معظم الشباب الذين خرجوا في الميادين العربية كان بينهم العديد من المسيسين الذين تعلموا من خبرات المناضلين الأكبر سناً، لكن للأسف انساق الكثيرون ومنهم زعماء وطنيون كانت لهم أدوار نضالية تاريخية إلى هذا التضليل.
بل انه رغم نداءات الأحزاب اليسارية والتقدمية للشباب كي يبقوا في الميادين بعد ثورة 25 يناير في مصر حتى تتحقق أهداف الثورة، إلا أن الشباب غير المسيس قليل الخبرة تركوا الميادين قبل أن تتحقق هذه الأهداف، فإن كان الشباب هم من قاموا بالثورات إلا أن الأحزاب السياسية الإسلامية هي من قطف ثمار هذه الثورات.