آراؤهم

المنيا العزيزة

بماذا أذكرك؟ بجمال نيلك البكر البهي، أم بطيبة أهلك وابتسامتهم؟ أم بكرمهم الحاتمي؟ عروس الصعيد، هكذا يلقبونها، وفعلا هي عروس متألقة بجمال مبانيها وبطريقها الساحلي المطل على النيل، ومنتجعاتها ومطاعمها وشوارعها النظيفة وجامعتها الفسيحة ذات المباني متعددة الأدوار، والكليات المختصة في جميع الفنون والآداب والعلوم. 
كان لي شرف الدراسة في تلك الجامعة مع كوكبة  تلامس السحاب همة من أبناء الكويت، فألفت المدينة وأصبح الحنين لها والشوق لرؤيتها يخالجني بين الفينة والأخرى. كيف وقد عشت في ربوعها؟ أتنسم هواءها النقي وأصفي جسدي بنسيمها العليل.
وما أجمل تناول الإفطار في منتجع حورس المتكئ على النيل ، أو احتساء الشاي ليلا على ضوء القمر! وإن أردت المطاعم فالخليل منك قريب ، وإن رمت المشارب فما لذ وطاب من الأشربة التي ترضي جميع الأمزجة تجدها عند الأسكندراني من منجا وبرتقال ورمان وغيرها الكثير الكثير.
والحقيقة أن الكرم متأصل في تلك الديار، فلا تزال دعوة أبي أحمد المنياوي محفورة في الذاكرة، وتنافسها في الكرم دعوة أبي محمد في  عزبة سعد الرائعة بأهلها الذين أكرمونا غاية الإكرام. 
يستمر الحنين، وتتوالى الأيام والليالي، والقلب ينبض بحب تلك المدينة الجميلة الوديعة. 
تذكرتها وهي تعج هذه الأيام، والصخب يملأ أرجاءها.
فرددت قول النابغة الجعدي:
تَذَكَّرتُ وَالذّكرَى تُهيِّجُ للفَتَى.**** ‏وَمِن حَاجَةِ المَحزُونِ أَن يَتَذَكَّرا