أقلامهم

غانم النجار: لم يعد في العالم إلا دول قليلة تعلن رفضها للديمقراطية، ما قد يدفعنا إلى مرحلة “ما بعد الديمقراطية”.

الديمقراطية أسوأ أنواع الحكم!

كتب المقال: د. غانم النجار
• على الرغم من انتصار رئيس الوزراء البريطاني والسياسي الأشهر ونستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية، فإنه خسر انتخابات يوليو 1945، أي بعد انتصاره مباشرة، وقال “كنت أرى أن الناس حينها عبّروا عن نكران فادح للجميل، ولكن يبدو أن الناس رأت أنني لم أكن الرجل المناسب لإدارة السلام، بعد أن نجحت في إدارة الحرب”. ويروي هلتون أن تشرشل حين تلقى خبر هزيمته الانتخابية كان يستحم فعلّق “يا له من وقت مناسب للإلقاء بي إلى الخارج، هذه هي الديمقراطية”، وانطلاقاً من تلك الهزيمة أطلق تشرشل مقولته الشهيرة “الديمقراطية هي أسوأ أنواع الحكم إذا استثنينا كل أشكال الحكم الأخرى التي تم تجريبها من وقت لآخر”.
• تحتفل الأمم المتحدة في 15 سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للديمقراطية. وهو تقليد دأبت عليه المنظمة الدولية منذ 2008، انطلاقاً من كونه يمثل الذكرى العشرين للمؤتمر الدولي للديمقراطيات الجديدة أو “المستعادة”، والتي تحولت إلى النظام الديمقراطي، وخلال ذلك اليوم تعقد المؤتمرات واللقاءات والحلقات النقاشية، كما تنظم الكثير من الفعاليات في أنحاء العالم، ويعقد هنا في الكويت حلقة نقاشية بالتنسيق بين برنامج الأمم المتحدة وجمعية الخريجين.
• الهدف من إحياء اليوم العالمي للديمقراطية التأكيد أن الديمقراطية مرتبطة بشكل مباشر، بقيم تتجاوز مجرد التصويت في الانتخابات، قيم مثل حرية التعبير، والتعددية، والعدالة والمساواة، وأنها لا تعني حكم الأغلبية فحسب ولكن احترام الأقلية.
• وفي إطار سعي الأمم المتحدة الحثيث لتحقيق أهدافها في السلام وحقوق الإنسان والتنمية، فإنها تدفع باتجاه أن أفضل السُّبل لتحقيق احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون إنما يتم داخل المجتمعات الديمقراطية، لا في المجتمعات التسلطية المهيمن عليها من فئة قليلة داخل المجتمع، وأن الديمقراطية الفاعلة المستقرة لا تتحقق إلا بوجود مجتمع مدني قوي وفعّال ونشط.
• من الواضح إذاً أن الديمقراطية في يومنا هذا لا ينافسها إلا مزيد من الديمقراطية، وأنها بحاجة إلى تطوير ومراجعة مستمرين، وأنه لم يعد في العالم إلا دول قليلة تعلن رفضها للديمقراطية، ما قد يدفعنا إلى مرحلة “ما بعد الديمقراطية”، وهي مرحلة ستشهد تحولات أكبر، إلا أن ذلك لن يحدث إلا عندما تستقر مبادئ وقيم الديمقراطية، وتصبح جزءاً أساسياً من الثقافة السائدة، وهو ما لم يحدث حتى الآن.