أقلامهم

عبدالعزيز الكندري: ما يحدث نتيجة طبيعية بسبب عدم فاعلية الرأي العام على الفاسدين.

ربيع الكلمات / «حلب الوطن» … مقدم على حبه!
عبدالعزيز الكندري
هل سيعذرهم الوطن أو سيسامحهم؟ 
بعد كل هذه السنين الطويلة من العطاء اللامحدود عليهم وقبل ذلك كانوا لا شيء يذكر أصلا، يأتون اليوم بكل تبجح بأنهم منتمون لهذا الوطن وهم حراسه، ومن دون سابق إنذار تظهر عليهم علامة الثراء الفاحش في جيوبهم وأرصدتهم من أموال وأجيال هذا الوطن الذي أعطانا الكثير ولم نعطه إلا القليل، والذي دائما ما نفكر في حقوقنا ونأخذها كاملة غير منقوصة ونقصر بواجباتنا تجاهه! بل كيف تستطيع أن يهنأ بنوم أو راحة ضمير من يأخذ ما لا يستحق ومن دون عمل حقيقي يذكر، وهي روى أرصدتها بالمال الحرام، ويا ليتهم يقتنعون ويكتفون عند هذا الحد بل وصل بهم التبجح إلى حد لا يطاق، لأن النفوس المريضة لن تردعها إلا الملاحقة القانونية… ولأن جرائم المال العالم لا تسقط بالتقادم فهو سيحاسب في مقبل الأيام. 
هل سيعذر الوطن من خان تمثيل الأمة والأمانة وصعد من على أكتاف الشعب، ليس من باب الكشف وفضح المستور ولكن من أجل رد اعتبار الوطن، الذي أوصله إلى هذا المستوى من التمثيل والمكانة؟ يجب محاكمة كل من خان تمثيل الأمة ليس من أجل الملايين المنهوبة، بل من أجل إهدار كرامة الوطن والقيم والأخلاق وحلب الوطن قبل ذلك. 
ما يحدث اليوم هو نتيجة طبيعية بسبب سكوت أهل الحق، وعدم فاعلية الرأي العام في المجتمع بكل صراحة على الفاسدين، والقبول بنتائجه من باب المجاملات على حساب الوطن، أو بسبب الانتماء لقبيلة أو عائلة أو حزب أو طائفة، الكل شريك في ذلك دون استثناء أحد. وتغليب المصلحة الشخصية الصرفة على مصلحة الوطن جريمة كبرى، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية وهو ما يفسر جرائم الرشوة والخيانة وفساد الذمم وظهور من يقوم بحلب الوطن بدل حبه وتقديره. 
يجب أن نعترف أن الفساد في الآونة الأخيرة أصبح له منهجية ومتغلغلا في المؤسسات المختلفة، والمسؤولية الأكبر تقع على عاتق الحكومة لأن الميزانيات والتعيينات تتم عن طريقها، أما مجلس الأمة فهو مجلس تشريعي رقابي، وبعد ظهور تقرير «التنافسية» والكويت حصلت على المركز الأخير خليجيا في مؤشرات عدة إن لم تكن أغلبها، وهي بالهدر في الإنفاق الحكومي ومعيار جودة التعليم وفاعلية سياسة الاحتكار ومعيار عدد الإجراءات للبدء بنشاط تجاري وقدرة البلد في الحفاظ على المواهب وتوافر الخدمات المالية والقدرة على الابتكار… فكل هذه المؤشرات كانت كل دول الخليج تسبقنا، وتقرير «التنافسية» كان مع 148 دولة، فهذا مؤشر خطير على حجم الفساد بل وصل لمرحلة غير مطمئنة، وأعتقد بأن ما حدث هو نتيجة طبيعة لعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وجعل وإعطاء المناصب على قدر الولاء وتدفع كفواتير سياسية وليس للمواطن الأكفأ، وهذا أبلغ دليل على عدم جدية الحكومة في محاربة الفساد، وأنا متأكد ومتيقن بأن كل هذه التقارير لن تحرك ساكنا في الحكومة، وأشك لو أنها اطلعت عليها أصلا. 
تقرير «التنافسية» يجب أن يظهر للعلن، وأن تنظم المؤتمرات الصحافية له، وبيان الأرقام والإحصائيات بكل شفافية، وما تقوم به لجنة الكويت الوطنية للتنافسية برئاسة الدكتور فهد الراشد وأعضاء اللجنة الآخرين من جهد كبير، من إصدار التقارير السنوية للجنة، والتي تعتبر المادة الخام لمتخذ القرار ودليلا إرشاديا للإصلاح السياسي والاقتصادي.