كتاب سبر

اسم على مساء الخير

فى تصوري إن أرادت الحكومة إيجاد حل جذرى لقضية “البدون”، فكل ما عليها هو الاستفادة من التجربة النيجيرية.. وأقصد هنا استيحاء تجربة أهل نيجيريا في الأسماء التي على مسمى، لعل وعسى بعد أن تثبت مترادفات الأسماء الحكومية على حال واحد حول توصيف “البدون”، قد نستطيع أخيرًا أن نردف الأسم الصحيح لهم على سرج خيل المسمى الواضح، فتصل به بمعرفتها إلى بر الحل المناسب.
في نيجيريا يا سادة.. تستطيع أن تعرف قصة ولادة كل فرد بمجرد معرفة أسمه فقط، فمثلًا أسم “ضجيج” يعلمك بأن صاحبه ولد في مكان صاخب، وحامل أسم “غودلاك ” (حظًا سعيدًا بالإنجليزية) يعنى ولد وسط أخبار سارة لأبويّه، و”صنداي” و”منداي” صاحبيهما ولدا في يوم الأحد والأثنين، و”على الطريق” أسم لمولود ولد على قارعة الطريق، وكذلك “من يعرف” أسم يخص من لم يستدل على أبيه، وهكذا دواليك كل اسم هناك هو بمثابة شهادة ميلاد لفظية كتب فيها كيف ولد؟ ومتى ولد؟ كل مولود على أرض “ذوي نيجر”.
وبدايةً ..لنستعرض المسميات المتداولة لـ”البدون” عند الحكومة، ولنحاول أن نكيّفها مع شروط ومقايسات المسميات النيجيرية، ولنبدأ بمسمى “غير كويتى” فنقول “؟”، ثم نقول “!”، ثم نقول “؟!” إذ أنه لا يخبرنا “بأي حاجة متلقًا” كما كانت تقول نعيمة الصغير، فهو لفظياً مسمى فضفاض جداً و”xxxxL”، وهو منطقياً “مقاس ولّادي”، إذ أن الكويتيين المليون يمثلون 0,014 % من سكان العالم، أي أنه هناك 99,99% غير كويتى  فأي الـ6,999,000,000 إنسان يا ترى هو “البدون”.
أما المسمى الثانى والأشهر فهو “البدون”، وهنا لنا حق أن نتساءل بدون “إيش بالضبط”، بدون رجل، بدون عين، بدون زعل، بدون لوحات، بدون “سنسر” ومكابح ABS، طبعًا الكثير سيرد وسيقول “بدون جنسية”، والكثير الآخر سيقول “بدون إثبات”، أمّا باقي الكثير فسينشغل بعمل “الرتويت ” و”اللايك ” وخلافه، ولكني أذكرهم ونفسي بأن شجاعة تصاريح اللجنة المركزية غلبت كثرتهم، لأنها صرّحت أكثر من مرة بأنها تعرف جنسياتهم الأصلية، ولديها وثائقهم، وصور أعياد ميلادهم، فلذلك احترامًا للست اللجنة خلونا ساكتين أخواننا الكثر، ولنعدي هذا المسمى على خير مع أخية التوأم الآخر “غير محدد الجنسية”، ولنقصّر شر “تعبني هواك، وياك يا إللي ظلمت الحق معاك”.
ولننتقل وإياكم للمسمى الثالث.. “المقيمون بصفة غير شرعية” ومن هذا المصطلح المصيبة، أدين وبشدة فم من أطلقه، فوجود  120 ألف مقيم بصورة غير شرعية هى أكبر إساءة ممكن أن توجه لحكومة في العالم، ولا معنى له سوى أن البلد “سايبة” على حد شعر منافذها، أو كما يحب الإغريق أن يقولوا: “سرداحي مرداحي”.
يبقى مسمى “عديمي الجنسية ” فى الأخير، هو المسمى الوحيد المطابق لمواصفات مسميات ذوي نيجر، ولكن يبدو أن الحكومة تخشى من قانوني الأمم المتحدة 1961 و1954 الخاصين بعديمى الجنسية، ولا تريد أن تلاعب “منتخب المسميات النيجيرية” القوي على أرض ملعب أسمائه، وبين مسميات جمهوره.. ربما لأنها  توقن  تمامًا بأنها لا تملك إلا فريق مسميات من الدرجة الثالثة “يا دوب” يحب أن يلاعب، ويداعب فى كل آن وحين أرق أحلام “البدون” وبدون كشافات وبدون جمهور، ليصرّح بعد كل مباراة ومهما كانت النتيجة: “تبون كأس الأسية” ويرجع ينام.
وفى الأخير وللأمانة لا بد أن نشكر خطوات الحكومة القصيرة السائرة فى طريق حل مشكلة “البدون” الطويل، فقد علمتنا أن هناك إسم على مسمى وان هناك إسم على مساء الخير… يا ليل علقه.