أقلامهم

فيصل أبوصليب: قمة البراغماتية وازدواجية المعايير لدى أمريكا في موقفها تجاه الأحداث في سوريا.

المنهج البراغماتي لإدارة أوباما
د. فيصل أبوصليب
-1
 يبدو بأن احتمالات الضربة الأمريكية ضد النظام السوري تتراجع ، في الوقت الذي تعتقد فيه إدارة أوباما بأنها استطاعت تحقيق أهدافها في سوريا دون اللجوء للتدخل العسكري، وعن طريق التلويح فيه فقط، أو باستخدام استراتيجية الردع بالتهديد ، حيث أن شبح الخوف من الفشل الذي لاحق إدارة جورج دبليو بوش، مازال يخيم على إدارة أوباما، ويجعل الرئيس فيها مترددا لدرجة كبيرة في التدخل في النزاع في سوريا إلى الحد الذي جعل الدول الأخرى تنظر للسياسة الخارجية لإدارة أوباما على أنها ضعيفة ومترددة بشكل أدى لتقليص نفوذ الولايات المتحدة وإضعاف قوتها في النظام الدولي. ولكن في المقابل ، هناك من يرى العكس، ويعتقد بأن إدارة أوباما تنتهج سياسة خارجية حذرة ومدروسة وعقلانية إلى حد بعيد ، استطاعت من خلالها تحقيق أهداف الولايات المتحدة دون تكبيدها الخسائر والتكاليف الكبيرة. وفي حقيقة الأمر، فإن إدارة أوباما انتهجت سياسة براغماتية أقرب « للمدرسة الواقعية» في سياستها الخارجية، واعتمدت على سياسة انتقائية واضحة في التعامل مع الأحداث التي مرت بالمنطقة العربية، ابتداءً من انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي في تونس، حيث نجد بأنَ إدارة أوباما ترددت كثيراً في إعلان موقفها بشكل واضح من الثورة، وعندما وجدت بأن الأمور تسير في اتجاه تنحية بن علي، أعلنت تأييدها للإرادة الشعبية والتحول الديمقراطي في تونس، ونفس الأمر تكرر في مصر، حيث كانت ردة فعل الإدارة الأمريكية تدريجية، ولم تعلن عن تأييدها للثورة إلا بعد ضمانات أساسية بأن يكون للمؤسسة العسكرية في مصر دور رئيسي في المرحلة التي تعقب تنحية مبارك. 
إذن، نجد بأن المنهج البراغماتي هو سمة السياسة الخارجية لإدارة أوباما، وقمة البراغماتية وازدواجية المعايير فيها يتضح في موقفها تجاه الأحداث في سوريا، وبالمقارنة مع موقفها تجاه ماحصل في ليبيا، نجد بأنّ إدارة أوباما أيّدت المقترح البريطاني الفرنسي الذي أدى لإصدار القرار 1973 الذي اعتُبر غطاءً شرعياً للتدخل العسكري للناتو في ليبيا، والذي كان للجانب الأمريكي دور فيه، حتى ولو كانت الولايات المتحدة تقود فيه من الخلف، ولكن لا يمكن تصور نجاح العمليات العسكرية للناتو في ليبيا لولا وجود الدعم الأمريكي فيها. كل هذا حصل في ليبيا، عندما قام القذافي بتهديد سكان مدينة بنغازي، وفي المقابل، نجد بأن النظام السوري لم يكتف فقط بتهديد شعبه باللفظ والقول، ولكن كان هناك بالفعل قمع مروّع وغير مسبوق تجاه المدنيين في سوريه، ومع ذلك ، نجد بأن هناك تردد أمريكي واضح في التدخل هناك، كل هذا لأن المصلحة فقط، ولا شئ سواها، هي المحرك الرئيسي للإدارة الأمريكية بغض النظر عن الحزب الذي يحكم في البيت الأبيض.
 
رئيس وحدة الدراسات الأمريكية- جامعة الكويت