آراؤهم

وهل أبصرت ذلا في الصقور؟

ولد عام 1894م على الأرجح، وعاش طيلة حياته كفيفا معدما، داهمه العمى وهو في سن التاسعة، ووالده صياد كبير في السن يقطن معه إضافة لأختيه في بيت قديم متهالك، الفقر يطل عليهم بمخالبه صباح مساء، الأب يلح على ابنه ليتفقه في العلوم الدينية، والابن يوافق على مضض، فهواه في الشعر والأدب لا في الوعظ والإرشاد، واستجابة لرغبة والده يغادر إلى الأحساء طلبا للعلم، ويتلقى الكثير من الدروس العلمية الدينية،  والكثير من علوم اللغة والنحو، ثم يعود إلى بلاده بعد أن سئم من الإقامة هناك وبعد أن تململ من بعض شيوخه حيث إنه يكثر الجدال والمناقشة. 
يعود ليعين في مسجد المحلة في شرق واعظا ومرشدا للناس، ولكن ينبري له الحساد فيترك الوعظ، ويكب على الألفية وشرحها لابن عقيل حفظا ودراسة، وتتوق نفسه إلى الشعر والأدب، إنها تطرب لترديد أبيات الشعر، الأمر الذي يدعوه لترك الوعظ، والانغماس في الشعر، فينظم أجمل القصائد مشاركا في المحافل المحلية، ومساهما في الأحداث العربية والدولية آنذاك.
إنه صقر الشبيب شاعر الكويت الأول، ترك ثروة شعرية تقدر بخمسة آلاف بيت في معظم الفنون الشعرية من مدح  ورثاء وغزل وفخر وشعر قومي إضافة إلى هجاء قليل ، فهو أحد الشعراء البارزين في النهضة الحديثة، وإذا ذكر شعراء الكويت كان أولهم. كان عصبيا حاد المزاج، خاض العديد من المعارك الشعرية من أجل النهوض بالمجتمع علما وحضارة، وحورب بسبب هذه الأفكار واتهم في دينه، وقد وقف معه في محنته تلك الكثير من أفاضل الكويت. 
ومما لاشك فيه أن محنة العمى والعوز قد حملت صقر على النقمة على المجتمع والنظرة التشاؤمية للحياة، كما كره بعض الصفات والأخلاق الذميمة، فحارب البخلاء حربا شعواء وشن عليهم غارات شعرية صب فيها حمم براكينه فوق رؤوسهم. وقد ساهم ذلك في اعتزاله الناس وانفراده في منزله إلا من بعض الأصدقاء الخلص. 
وإذا عرجنا لعلاقته بربه، فقد كان صقر لشدة ورعه لايلقي الأوراق وفيها كتابة مخافة من أن يكون اسم الله من بينها، ولا يجرؤ أن يمزقها، ولهذا فهو يحتفظ بمثل هذه الأوراق في صندوق خاص. 
وأما عن شعره، فقد كان صعبا تكثر فيه الجمل الاعتراضية الطويلة، ويكثر فيه أيضا التقديم والتأخير ، والكلمات المعجمية، وقد بذل الأستاذ أحمد البشر الرومي – رحمه الله- جهدا جبارا  بضبطه مع الأستاذ عبدالستار فراج رحمه الله. 
وكان شعر الشبيب تقليديا احتذى به الشعر القديم في لغته ومعانيه وموضوعاته، ولكننا نجد النزعة الفلسفية واضحة في كثير من قصائده. 
وفيما يخص وفاته، فقد توفي الشاعر صقر الشبيب في عام ثلاثة وستين وتسعمائة وألف للميلاد. 
رحم الله صقر الشبيب وأغدق عليه سحائب المغفرة وشآبيب الرحمة.