أقلامهم

حسين جمال: الإخفاقات المتتالية جعلت من يؤمن بالديمقراطية يكفر بها ولسان حاله: «شيابت لنا ديمقراطيتكم هذه».

القرطاس والقلم 
لا مجلس ولا ديمقراطية 
عانت الكويت في السنوات العشرين الماضية من تراجع منظم وشبه منظم على كافة المستويات، مما جعل قطاعات كبيرة كانت ولاتزال تفسر الأمر على أنه نتيجة للممارسات السياسية، والصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وغياب المرجعية والقرار الفردي الحاسم، وتوجيه الاتهام إلى مجلس الأمة المنتخب، الذي كما تقول هذه الشريحة من المواطنين إنه لم يأت لنا إلا بالمصائب وتوقيف عجلة التنمية والمشاريع، ما جعل الكويت في مؤخرة الركب في كافة المجالات بعد أن كانت الأولى في كل شيء.
الإخفاقات المتتالية جعلت من يؤمن بالديمقراطية يكفر بها ولسان حاله يقول: «شيابت لنا ديمقراطيتكم هذه»، دون أن يسأل هذا الشخص نفسه من جاء بمن عرقل المشاريع، ومن هو الذي اختار طريق التراجع، وهل كان الأمر مدبراً أم عفويا، وبكلا الحالتين كانت النتائج كارثية.
هل فعلاً نحن مؤمنون بالديمقراطية؟ وهل الديموقراطية مجلس نيابي منتخب فقط، وهل وظيفة مجلس الأمة اتخاذ قرارات أم أن هذه وظيفة السلطة التنفيذية؟ وهل من حق المجلس إصدار قوانين تخالف الدستور الذي يرفض تكبيل الحريات؟ وهل الديمقراطية حكم الأغلبية فقط؟ وهل الديمقراطية محاصصة وترضيات؟ وهل الديمقراطية خلط الدين بالعمل السياسي؟ وهل نحن بعد أكثر من نصف قرن من الإعلان عن الدستور تجاوزنا مشاكلنا مع الديمقراطية؟ وهل حلت الإشكالات العالقة؟ وهل السلطة التنفيذية تريد أن تتعايش مع شيء من الديمقراطية؟ وهل يعني ذلك قبول الابتزاز السياسي؟ وهل تريد أصلا أن تكون جزءًا من معادلة الديمقراطية التي ترغب في أن تكون أساساً للعمل السياسي أم أنها تحالفت مع قوى انتهازية لوأد الديمقراطية وقتلها وإشاعة أنها أسوأ النظم؟ وأنها لا تتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا المتخلفة؟
الديمقراطية التي تحتفل الأمم المتحدة بيومها ممارسة حياتية عرفها الغرب الذي تجاوز من خلالها كل مشكلاته، والديمقراطية تنمية وبداية للشراكة السياسية بين كافة شرائح المجتمع، وفيها لا تملك أي سلطة العبث والتغلب على غيرها، وفيها يسود القانون وتتكافأ الفرص وتتحسن معيشة المواطن والمقيم، ولكنها شوهت لتظهر على أنها أسوأ النظم السياسية فلا استقرار ولا تنمية ولا قانون يسود فيها، ويختار الناخبون فيها من يمثلهم بناء على القبيلة والطائفة، واستغلت قوى ترى أن الديمقراطية تهديد مباشر لها أسوأ استغلال، وحاولت ولازالت تنحر فيها لتظهر على أنها لا تنفع، وأنها بداية لنهاية أي مجتمع يفكر أن تكون أساس النظام فيه وللناس الحكم.