آراؤهم

خواطر وحقائق من تجربتي في الانتخابات

من خلال تجربتي السياسية وخاصة في الانتخابات استفدت من مواقف كثيرة وسقطت أقنعة وتهاوت أمامي مباديء وشخصيات وخرجت بنتائج وفوائد جمة ورؤية أوضح لما كان يخفى علي من قبل ، ورأيت أنه من الواجب علي توعية الناس بها وعدم كتمانها ، فمن حق المواطن الكويتي أن يعلم ما يدور حوله  ويعي جيدا ما يحدث وكيف تدار الأمور ومن ثم يضع المخلصون خططهم ورؤيتهم ووسائلهم للتعامل مع هذا العالم الذي لا يوجد فيه مستحيل ( عالم السياسة ) .
أولا أريد أن أجيب عن سؤال أسأل عنه كثيرا وهو سبب دخولي في انتخابات الصوت الواحد وابتعادي عن الحراك الشعبي الفترة الماضية ؟ 
والجواب هو : أنني أصلا لا أرى بأن الاصلاح الحقيقي للكثير من الأمور سيكون من خلال المجالس النيابية ما لم تكون هناك رغبة جدية لدي السلطة بهذا وهذا لن يحدث في الظروف الطبيعية وحالة الرخاء التي تبسط السلطة قبضتها فيه على كل شيء تقريبا حتى القضاء  .
لذا فكرة المشاركة هي من باب تقليل الشر والتسديد والمقاربة ، ومن باب ما لا يدرك كله لا يترك جلّه . والكل يرى نوعية ومستوى المجلس المبطل الثاني 2012 الذي كانت فيه المقاطعة قوية . فكان رأئي المشاركة  لهذا الهدف .
أما ابتعادي عن الحراك الشعبي ، فلأنني أرى أن جل قيادات هذا الحراك ولا أقول كل القيادات ولا أقول عوام الناس والشباب ، بل أكرر جل قيادات هذا الحراك جزء من المشكلة واللعبة السياسية ، وكانوا يقومون بأدوار مختلفة لأقطاب مختلفة خلال الأعوام الماضية وبطرق غير مباشرة يصعب على المواطن البسيط تفهمها . 
وعندما انجرف الحراك لهذه القيادات المسيّرة أصلا والتي تعمل بالباطن ، كان ابتعادي بل وابتعاد العديد من شباب الحراك عن التسييس الواضح للحراك من قبل البعض . 
والآن لأسرد بعض الفوائد التي رأيت ضرورة تبيانها للناس .
بدايةً هذا النظام الانتخابي لن يحدث أي تغيير واصلاح ولا أقصد فقط نظام الصوت الواحد بل حتى ما سبقه من أنظمة الأربع بخمسة وقبله الخمس والعشرين ، لأنه نظام يخرج أفراد متفرقين لا يمكنهم تحقيق ولو 10% مما يعد الناخبين به .
ثانيا المرشحين يدخلون بورصة الأقطاب من بداية ترشحهم فيبدأ المزاد والتنافس بين الاقطاب والتيارات على المرشحين السمان ومن له حظوة وامكانية الفوز ، وتكون العطايا كدعم اعلامي او دعم مادي مباشر وبشرط استمرارية التواصل والتشاور مع الداعم بعد الفوز . وإلا من أين يستطيع موظف بلدية أو مدرس بالتربية أو متقاعد لم يرث أحدهم ولم يتاجر قط في حياته بل وبعضهم يسكن في بيت أبيه ، من أين له أن يصرف في يوم الاقتراع فقط ما بين 20-30 ألف دينار على المناديب والوكلاء والسيارات والخيم والباصات واللوحات الاعلامية وغيرها ، وهذا الرقم أعرفه جيدا من خلال تجربة ، وهو ما لم استطع توفيره  وتغطية هذه المصاريف الثقيلة في تجربتي . هذا ما ذكرته في يوم الاقتراع فقط ناهيك عن الاعلانات التي تملأ الصحف والمقار الانتخابية  ولقاءات القنوات التي تصل 6000 دينار للنصف ساعة في بعض القنوات بأيام الانتخابات وغيرها من المصاريف التي تصل لمئة ألف دينار وأكثر مجتمعة . 
وما اذكره الآن هو الوسائل المشروعة وليس شراء الأصوات والمفاتيح الانتخابية مدفوعة الأجر فتلك لها حسبة اخرى تتجاوز المليون واكثر عند البعض .
فأقول يبدأ المشترين باختيار مرشحينهم والبعض من المستقلين وقليل ما هم هو في الحقيقة ليس بمستقل فهو يعمل بالباطن وهو لا يعلم وان كان مستقل قبل فوزه فلن يصبح كذلك بعد الفوز ، فهو يحتاج للتعامل والتعاون مع كتلة وهذه الكتل للأسف ليست مستقلة عن تبعية الشيوخ . 
فالمجلس غدا مجلس اقطاعيا للأسف لاتحاد الشيوخ والتجار.
وهؤلاء لا يريدون أي تطوير واصلاح سياسي حقيقي وتنمية فعلية ، فهذا الاصلاح والتنمية ستؤثر على مصالحهم ونفوذهم وهو ما يحرصون بكل وسيلة للحفاظ عليهما .
ونلاحظ هنا أن التيارات بقصر نظرها أوبالتفاتها لمصالح منتسبيها تدخل غالبا في هذه اللعبة بطرق غير مباشرة ومباشرة أحيانا ، وتتنازل عن العديد من المباديء التي تعلنها للناس بحجة السياسة وانها أي السياسة فن الممكن ، وبهذا تغلّب مصالحها وحصولها على مكاسب وشعبية أحيانا على أن تقف وترسم خطوط اصلاحية وتحاسب المقصر ورؤوس الأفاعي .
أما المواطن فهو الشريحة المستهدفة لجميع هؤلاء ويستغل لحاجته وظروفه من هؤلاء او أولئك . ويحرص الاتحاد السابق ذكره ( اتحاد الشيوخ والتجار) لإبقائه محتاج وتأخير التنمية الحقيقية  بل وافتعال الأزمات احيانا ليلجأ الناس للنواب ويلجأ الاخيرين للمنبع ويبدأ التفاوض والترويض وهكذا ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والاتحاد الذي ذكرته ليس بالضروة ان يكونوا متفقين بل غالبا هم متناحرين ، ومستوى ومدى هذا التناحر ينعكس دائما على واقع الحياة السياسية والاقتصادية ، وما الازمات السياسية في المجالس السابقة إلا انعكاس لهذا التناحر ، وما الأزمات الاقتصادية في البورصة والعقار إلا انعكاس لهذا التنافس  ولكنهم متفقين على أمر واحد ، هو أنت أيها المواطن .وابقاؤك شريحة لهم .
فاعلم أيها المواطن أنك شريحتهم ومادتهم فارفع من وعيك ولا تنجرف وراء الشعارات الزائفة والنداءات أو ما يعلن على الملأ بوسائل الاعلام وغيرها  فغالبا لا  يعلن إلا ما يراد أن يعلمه الناس . 
وحتى يكون مقالي مفيد اكثر سأبدأ بسرد حلولا كعادتي في طرح القضايا حيث اطرح المشكلة مختومة باقترحات وحلول لعل الله ينفع بها .
فبداية أقول : إن بوابة الاصلاح السياسي هي تطوير النظام الانتخابي بحيث يستطيع المرشح والعضو الفائز بتحقيق ما يعد به مرشحينه وفينفس الوقت يتمكن الناخب من محاسبة العضو الذي اختاره أثناء اداؤه وليس بعد اربع سنوات .
ثانيا : ترتيب بيت الأسرة الحاكمة وتقليل الخلافات قدر الامكان فهي أهم المشاكل التي تنعكس على الواقع السياسي والاقتصادي .
ثالثا : كسر الاحتكار بكافة أشكاله وهذا يحتاج للانتقال للعقلية المتطورة التي ترى أن استقرار النظام في التنمية والتطور وليس المحاصصة مع عدد من الأسر .
رابعا : العملية الانتخابية تحتاج لسرد العديد من النقاط لتلافى سلبياتها ، وعلى سبيل المثال لا الحصر 
1- ( معونة المرشح بمبلغ يرده في حال لم يصل على المراكز الخمس عشر الأولى مثلا ) والزام كل المرشحين بتقديم ميزانية عن حملتهم الانتخابية مع وجود فريق رصد اثناء الحملات الانتخابية ، وهو ما يحدث في الدول المتقدمة .
2- أن يختار في كل دائرة عدد 2 ساحات كبيرة يضرب بها خيام من قبل الحكومة أو الجهة المنظمة للانتخابات ويلزم المرشحين جميعا بهذه الاماكن مقابل مبلغ معقول وهذا يسهل على الناخب أيضا ويحقق عدالة .
3 – يتم مراقبة استطلاعات الرأي من قبل وزارة الداخلية أو لجنة الانتخابات تماما كما يحدث في سحوبات الجوائز التي تراقبها وزارة التجارة منعا للتلاعب وحماية للمواطن . وهذاه الاستطلاعات الخاصة للاسف عرضة للكثير من التلاعب وللأسف لها تأثير كبير جدا على آراء الناخبين . ويحتج أصحابها ويفتخرون بمقاربة النتائج لتوقعاتهم ، وهو صحيح لانهم للأسف هم من يصنعون ويكونون هذا الرأي عند العديد من الناس ويدخل في هذا الباب أيضا المحللين للانتخابات ، فأغلب المحللين يتبعون إما تيارات لها مصالح واضحة إو يتبعون أقطاب وشيوخ ولهم مصالح أيضا في توجيه الشارع . وقد عاصرت عدد من الأمثلة التي اختلفت الاستطلاعات وتوقعات وتحليلات المحللين للواقع الانتخابي ومثال على ذلك مجلس 2012 الاول والذي كانت فيه معصومة في المركز الاول في الاستطلاعات وكان الدمخي في خارج دائرة المنافسة ، فإذا بالنتيجة عكس تماما . وكان د.عبد الرزاق الشايجي لآخر لحظة وعلى الهواء مصر على تحليلاته بان الدمخي خارج المنافسة أصلا .وللأسف لم ينتبه الكثير لهذا الخطأ الفادح في تحليله ولم يعترف بخطئه . 
4- تنشأ المفوضية العليا للانتخابات وبأسرع وقت وتكلف بالعديد من المهام وترفع تقارير لاستصدار قرارات تكفل مزيدا من الشفافية والنزاهة للعملية الانتخابية  على ان يتم اختيار هذه المفوضية من عدة جهات رسمية وشعبية ومؤسسات مجتمع مدني . ومما يجب التنبيه له  أن المجلس السابق 2012 الثاني لم يقر مرسوم المفوضية كما اقر مرسوم الصوت الواحد ، ولم يضع بديل أو تغيير في هذه المفوضية . ومع اننا كنا نتأمل أكثر صلاحيات لهذه المفوضية ولكن كبداية ممكن القبول بها . ولكننا نرى ونتيقن مجلسا بعد آخر بأن بعض النواب للأسف أحد الأسباب الرئيسية  للفساد السياسي بالتعاون مع مكر المتنفذين .
لن أطيل على القاريء وإلا في جعبتي الكثير ولدي العديد من الحلول والاقتراحات للخروج من هذه المآزق وآبار الفساد العالقين فيها منذ عقود . ولعلي أتطرق لها في مقالات لاحقة . 
وكما ترون في ظل هذه المثالب في العملية الانتخابية فإن معيار الاختيار قد اختل لدى العديد من المخلصين وفتنة الصوت الواحد جعلت الحليم حيران وسهلت للأسف من واقع تجربة بتحكم المال السياسي في النتائج بشكل واضح للجميع عدا وزارة الداخلية التي لا زالت تغض الطرف ولم نسمع عن من سجن بسبب رشوة سياسية . لذا فلن أشارك في انتخابات لاحقة كمرشح بل كمنسق وناشر للوعي لتوحيد الجهود المبعثرة ومحاولة التسديد والمقاربة قدر المستطاع . والله الموفق لكل خير .