أقلامهم

ابتسام العون: أليس من المخجل أن نصف الشعب الكويتي بلا سكن؟

تصبحون على وطن جديد
بقلم: ابتسام العون
الكل يحلم بوطن متحضر ينهض بأبنائه ويعلو بهم إلى مصاف النجوم، لكن من يتلمس الواقع الكويتي يجد غير هذا بفارق 180 درجة حتى بات المواطن الكويتي يحلم بحياة كريمة في ظل وطن مزدهر قائم على العدل والمساواة.
فلذلك عزيزي القارئ أطلق العنان لأحلامك وحلق في سماء آمالك مادامت الكويت تمتلك خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم، ولماذا لا نطلق العنان لأحلامنا؟ مادام عدد سكانها لم يتجاوز 3 ملايين نسمة نحو 60% منهم وافدون، وكيف لا نحلق في عالم الأحلام وقد أنعم الله علينا بفائض في الميزانية ووفرة مالية، ولما لا والأراضي الفضاء غير المستثمرة بلغت 90% من مساحة الكويت، والأصل أن الأحلام بالمجان ومتاحة للجميع، والأهم أن الواقع مزر وينحدر من سيئ إلى أسوأ وقد تربعت مشكلة الإسكان على قمة الأولويات وصار بيت العمر أضغاث أحلام أمام تقاعس مؤسسة الرعاية السكنية مع العلم أن السكن حق شرعي كفله الدستور لكل مواطن وكل قواميس العالم يعني السكن فيها راحة واستقرارا، إلا السكن في الكويت فهو إذلال وضرب من ضروب الخيال.
فقد خالفت المؤسسة العامة للرعاية السكنية قانون الإسكان الذي يقضي في المادة 17 بألا تتجاوز مدة الانتظار 5 سنوات والذي بدوره أدى إلى ارتفاع نسبة الطلبات السكنية إلى أكثر من 107 أسر على لائحة الانتظار لمدة تتعدى 15 سنة، وأصبح السكن هاجس كل بيت كويتي في ظل ارتفاع الإيجارات وغلاء العقار.
ومن المؤسف أن تقف الحكومة ممثلة في المؤسسة العامة للرعاية السكنية والجهات المعنية موقف المتفرج دون أن تحرك ساكنا وتتخذ خطوة جادة لتفادي التأخير ورفع المعاناة عن الكثير من الأسر لاسيما أن أي تأخير يكلف الدولة مبلغ 12 مليون دينار إيجارات إضافية لمدة 6 أشهر لـ 2200 أسرة كان من المفترض أن يتسلموا بيوتهم في تاريخ سابق، وهذا جزء بسيط مما تتحمله الدولة جراء التسيب والإهمال والتقصير في محاسبة المخطئ ومكافأة المنجز.
أليس من المخجل أن نصف الشعب الكويتي بلا سكن؟ على الرغم من الوفرة المالية والأراضي الشاسعة أليس من المخجل أن تهتم الدولة بالتعمير في الخارج وتهمل التعمير في الداخل؟ إلى أن تعدت طلبات الإسكان 107 آلاف طلب، أليس من المخجل أن تصمت الحكومة صمت القبور على هذا الملف الشائك وتترك الحبل على الغارب لثلة من التجار والمتنفذين ومصاصي الدماء يمتصون أكثر من نصف راتب المواطن مقابل شقة أشبه بعلبة السردين؟ وبمجرد الإعلان عن زيادة في رواتب الموظفين يتبعه مباشرة رفع في الإيجار وغلاء أسعار العقار دون حسيب أو رقيب.
والمشكلة الإسكانية أسبابها كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر ندرة الأراضي المحررة وحرص أصحاب المصالح على بقاء هذه الأزمة قائمة دون حلول حتى لا تمس مصالحهم الشخصية ودون الاكتراث بمعاناة المواطن الكويتي، فالنمط الفاسد في التعامل مع قضايا المواطنين يضع المواطن تحت الضغط وخاصة في حاجاته الأساسية وهي التعليم والصحة والمواصلات والإسكان مع العلم أن الدولة قادرة على إكرام المواطنين إلى جانب سوء الإدارة، فالقانون الذي تشرعه مؤسسة تنسفه مؤسسة أخرى وبدلا من وضع الحلول وإزالة المعوقات نرى تبادل التهم من قبل تلك الجهات دون النظر لتبعات الأزمة، حيث يبقى الوضع كما هو عليه.
ولن تصبح مشكلة الإسكان صفرا إلا بالضغط الشعبي متمثلا في حملة «ناطر بيت» وغيرها من التحركات الشعبية إلى جانب وقفة جادة وحازمة من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص في اتخاذ القرار وتنفيذ الصلاحيات وتطبيق القانون على الجميع والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الشعب والتكسب من آلام الناس.
وفي الختام اطلقوا العنان لأحلامكم في مستقبل كويتي زاهر وتصبحون على وطن جديد.