أقلامهم

يوسف الشهاب: أصبح الحل في حاجة إلى عصا سحرية يعيد الابتسامة إلى وجوه زبائن الانتظار الإسكاني.

شرباكة 
الإسكان.. أزمة الحكومة ومعاناة الإنسان 
الاسم: يوسف الشهاب 
سوف تبقى الأزمة الإسكانية تراوح مكانها وسط خطوات بطيئة غير فاعلة المعالجة الشاملة والسريعة، سوف تبقى على المشهد الذي عليه ما دامت الحكومة لن تضع ثقلها وتتحرك ضمن صلاحياتها التنفيذية في سبيل وضع حلول تكفل الانتهاء من أزمة طالت آلاف الشباب الواقفين على قائمة انتظار البيت الموعود من الإسكان، بل إن هذه الأزمة سوف تأخذ في التفاقم سواء في زيادة الطلبات أو في تكاليف البناء وحتى في شفط راتب الوظيفة الذي يذهب لإيجار شقة لا تتعدى غرفتين وصالة، والسعر يفوق الخمسمائة دينار – يا بلاش.
الحكومة لا تريد حل الأزمة رغم أنها تعلم معاناة الشباب منها، ولا تريد وضع حد لطول الانتظار أو حتى وضع قوانين سريعة التنفيذ تكفل السرعة بالتخصيص والبناء، مع أن الأموال متوافرة والأراضي أيضاً، ولكن ما قصة عدم الاهتمام الحكومي بمثل هذه الأزمة ذات الأولوية المطلقة للشباب؟ لا أحد يدري. مع أن هناك وزارة وهيئة ووزراء للإسكان وهناك تصريحات وندوات ووعوداً، كلها توحي بقرب المعالجة، ولكننا لا نسمع إلا وعوداً ووعوداً من دون أي شيء نراه على سطح الواقع.
أزمة الإسكان كانت في منتصف السبعينات قليلة في الطلبات وفي تكاليف البناء، ومع ذلك كانت حلول الحكومة متأرجحة بين التباين في مساحة الأراضي بين منطقة وأخرى، وبين الاختيار بين القسيمة أو البيت. ومع تعاقب السنين ازدادت الأزمة وتفاقمت حتى وجدت الحكومة نفسها أمام مسؤولية كبيرة، فلا هي قادرة على توفير الأراضي رغم كثرة مساحتها، ولا هي عازمة على المعالجة ربما لشعورها بأن الشق عود، ولا تريد عوار الراس. ولذا، فهي تركت القرعة ترعى، ومن يريد البيت عليه الانتظار عشرات السنين حتى يأتي الفرج في منطقة نائية قد تصل إليها اليوم بالسيارة وغداً بالطائرة، كل شيء جائز ما دام هذا هو الوضع الحقيقي للأزمة.
حجم المشكلة فوق قدرة الوزارة وهيئة الإسكان، بل وحتى فوق مستوى حلول الهيئة، خصوصاً بعد أن تفاقمت واتسعت في الوقت الذي تعاني فيه الهيئة ومعها الوزارة من المشاكل والخلافات وتصفية الحسابات بين هذا وذاك، وبين وزير يروح وآخر يأتي وينسف ما بناه سابقه، كيف ننتظر الحلول وسط هذه الأجواء المشحونة بالخلافات والتردد بالحل، وعزوف الحكومة، ومنها الوزير، عن استخدام صلاحياتها وبالقوة التي تتناسب وحجم الأزمة وتداعياتها على آلاف المنتظرين لبيت العمر الذي لا أحد منهم يعلم متى يهل قمر هذا البيت.
كل قضية لا تجد المعالجة منذ البداية فإنها تكبر مع السنين، وبالتالي يستعصي الحل وتزداد الجهود والتكاليف، وقد يأتي الحل وربما لا يأتي لصعوبة المشكلة واتساع رقعتها، هذا هو واقع الأزمة الإسكانية التي لم تلتفت إليها الحكومات المتعاقبة ولم توليها الاهتمام الذي تستحقه حتى كبرت وأصبح الحل في حاجة إلى عصا سحرية من ساحر هندي يعيد الابتسامة المفقودة إلى وجوه زبائن الانتظار الإسكاني.