أقلامهم

حنان خلف: مؤسسة الرعاية السكنية حرمت الأعزب حق الاستفادة من خدماتها، ما يدل على انتقائية المشرع.

هل هناك عدالة في قانون الإسكان؟
ترتفع الأصوات هذه الأيام حول القضية الإسكانية، وعلى قدرة المؤسسة العامة للرعاية السكنية الوفاء بالطلبات المتزايدة المقدمة من المواطنين. 
ومن وجهة نظرنا، فإن الإشكالية الإسكانية تطرح تساؤلا أعمق من ذلك الذي يتداوله الناس، ويتعلق هذا السؤال بمدى التزام المؤسسة بمواد الدستور الكويتي، ومقدار تحقيقها للعدل في توزيع الرعاية السكنية على المواطنين. 
بدءا، من المتعارف عليه أن أي قانون يجب أن يكون في تطبيقه حياديا وأعمى، وبمعنى آخر ألا يكون مراعيا لأي تصنيفات جندرية (نوعية) أو فئوية، بل يسعى شأنه- كشأن بقية القوانين- إلى تحقيق مزيد من العدالة بين المواطنين، بحسب ما نصت عليه المادة التاسعة والعشرون، التي تؤكد أن الكويتيين «متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم بسبب الجنس».  ومن ثم، فإن القوانين يجب صياغتها على أساس مواطنة الأفراد، وليس على تمييز يتعلق بالجنس والفئة. لكن إمعان النظر في قوانين الرعاية السكنية يجعلنا نجدها قائمة في الأساس على ذلك التمييز الجنسي والفئوي الاجتماعي، وليس على أساس المساواة في المواطنة، ما يثير تساؤلات جدية حول دستورية هذه القوانين.
 دعونا نفترض أن قوانين مؤسسة الرعاية السكنية، بما تتضمنه من تمييز لا تشوبها شائبة، فإن التساؤل يظل قائما حول كيفية تحقيق هذه القوانين للعدالة بين المواطنين، وخاصة في مقدار استفادتهم من خدمات هذه المؤسسة على أساس معياري الجنس والوضع الاجتماعي. إن اعتماد هذه المعايير يفسح المجال لأهواء المشرع وثقافته الخاصة كي تتدخل في مقدار استفادة المواطنين من هذه الرعاية، ودليل ذلك تاريخ المؤسسة نفسه.
 في وقتنا الراهن، وبناء على التصنيف الاجتماعي الذي مازال معتمدا لدى المؤسسة في تعاملها مع المواطن، بإمكاننا القول إن أسرة «المواطن الذكر المتزوج» هي الأوفر حظا في الاستفادة من خدمات الرعاية السكنية، وذلك للخيارات العديدة المتاحة لها، ومن بينها الحد الأعلى للاقتراض، أو الحصول على قطعة أرض وقرض مالي، أو منزل جاهز، في حين أن أقل الفئات حظا في الاستفادة من خدمات الرعاية السكنية هي «المرأة العزباء فوق الأربعين والمطلقة بدون أبناء»، وحصرت خيارات هذه الفئة في تأجير وحدات سكنية منخفضة التكاليف، وحرمت من التملك أو الاستفادة 
من القروض. 
 وفي نهاية المطاف، فإن اعتماد المؤسسة العامة للرعاية السكنية للتصنيف الاجتماعي للمواطن كأساس لسن قوانينها الإسكانية، يجعلنا ننتهي إلى القول إن المؤسسة استبعدت شريحة المواطن الكويتي الذكر الأعزب وحرمته بالتالي من حق الاستفادة من خدماتها، ما يدل على انتقائية المشرع وهدفه في الضغط بشكل غير مباشر على المواطن الكويتي للزواج، وهذا ما يزيد من تساؤلاتنا حول رؤية هذه المؤسسة وأهدافها ومدى تطابق قيمها مع قيم المواطنة ورؤى الدولة الحديثة.