أقلامهم

بدر الديحاني: الموازنة العامة في الكويت تُستنزف من أجل مصلحة مصانع الأسلحة الأميركية والأوروبية.

سباق التسلح في الخليج… إلى متى؟ ولمصلحة من؟ 
كتب المقال: د. بدر الديحاني
في الوقت الذي ترتبط فيه بعض دول التعاون الخليجي مثل الكويت بمعاهدات حماية (SOFA) مع الولايات المتحدة وبعضها الآخر على أراضيها قواعد عسكرية أميركية وبريطانية، فإن أموالاً ضخمة جداً تصرف من الموازنات العامة على سباق التسلح. يحصل ذلك بينما ترتفع في “دول التعاون” معدلات البطالة والفقر وتشتد أزمة السكن وتتراجع مستويات خدمات الصحة والتعليم وتتقادم البنية التحتية… فإلى متى تُصرف ثروات بلداننا على الأسلحة؟ ولمصلحة من؟
في الكويت، على سبيل المثال، وبحسب تقرير “شركة الشال للاستشارات الاقتصادية” بتاريخ (28 سبتمبر 2013) فإن “الإنفاق العسكري بلغ في عام 2012 نحو 6.021 مليارات دولار أميركي، أي نحو 1.686 مليار دينار كويتي، بارتفاع سنوي نسبته 10.2%، تقريباً، والإنفاق العسكري، قياساً بحجم الاقتصاد، ارتفع، قليلاً، بنحو 0.1 نقطة مئوية ليبلغ 3.3%، أي أعلى من المعدل العالمي بنحو 0.8 نقطة مئوية.
وبالنظر إلى تاريخ الإنفاق العسكري الكويتي، بعد مرحلة التحرير ونفقات إعادة تأسيس الجيش، يلاحظ أن الإنفاق العسكري الكويتي شهد في الفترة 1995- 1999 مرحلة انخفاض إجمالي بنحو -41.3%، ثم ارتفاعاً في الفترة 2000-2004، أي حتى حرب العراق، بنحو +36.4%، ثم مرحلة تذبذب في الفترة 2005- 2010، وأخيراً، ارتفاعاً خلال عامي 2011 و2012، أي بعد ثورات الربيع العربي، بنحو +26.1%، ليبلغ الإنفاق العسكري عام 2012، بالأسعار الثابتة (أي بعد إزالة أثر التضخم)، أعلى مستوى له منذ عام 1996″. انتهى الاقتباس.
وكما نرى في حالة الكويت، فإن الموازنة العامة تُستنزف من أجل مصلحة مصانع الأسلحة الأميركية والأوروبية وتجار الأسلحة ووكلائها المحليين وبعض البيروقراطيين والوسطاء، وهو الأمر الذي تتجاهله تقارير صندوق النقد والبنك الدوليين وبعض الدراسات والاستشارات المحلية عند الحديث عن اختلالات الموازنة العامة للدولة والعجز المتوقع في المستقبل القريب، حيث إن عيونهم لا ترى من أبواب الميزانية سوى الإعانات والدعم الحكومي لذوي الدخول المحدودة والمتوسطة والباب الأول فقط، وبالذات رواتب صغار الموظفين، وليس المزايا المالية التي تمنح لكبار موظفي الدولة من دون مبرر!
ومن أسف أن أعضاء مجالس الأمة وقوى المجتمع المدني ذات العلاقة والقوى السياسية والمهتمين بالشأن العام لا يتطرقون بتاتاً إلى الإنفاق العسكري وضرورة تخفيضه، وكأنه من المحرمات على الرغم من أن تقارير دولية وصحفاً عالمية تنشر تفاصيله باستمرار.
والآن وفي ظل الأزمة المالية العالمية الخانقة، فإن هناك حاجة ماسة لوقف سباق التسلح في المنطقة وتخفيض الإنفاق العسكري غير الضروري الذي يستنزف ثروات شعوبنا؛ لما لذلك من تأثير إيجابي في حل المشاكل العامة الكثيرة التي تواجه شعوب دول مجلس التعاون حتى لا ينطبق علينا قول الشاعر عبدالغني النابلسي:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول