آراؤهم

الله .. القبيلة .. أمير القبيلة

الله .. القبيلة .. أمير القبيلة
د. عبدالله تقي
“تعلن لجنة قبيلة …. الموثقة من الأمير …. عن دعمها لقائمة …..” 
لافتات انتشرت أمام مراكز الاقتراع في انتخابات اتحاد طلبة التطبيقي تدعو صراحة لاختيار قائمة أو مرشح ليس على مبدأ سوى الانتماء العرقي. ما لفت نظري تحديدا في الإعلانات كان الزج بأسماء بعض أمراء القبائل في مشهد لم نعتد عليه كنوع من إضفاء “الشرعية” على خيار تلك اللجان القبلية، ولا شك أن هذا الأمر لا يأتي إلا بموافقة فعلية من قبل رأس الهرم بالقبيلة.
قد لا يكون هذا أمرا جديدا أو مستغربا لو كانت الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس ا?مة أو البلدي، لكن من المؤسف حقا أن تصل بنا ا?مور بإقحام أمراء القبائل حتى في انتخابات صرح تعليمي كالهيئة العامة للتعليم التطبيقي، في وقت نعقد ا?مل فيه على الجيل الجديد لتكريس روح الدولة المدنية بعيدا عن أشكال العنصرية والطائفية. إلا أن ما قامت به اللجان القبلية من إعلان “توثيق” أمرائها ليس سوى نتيجة طبيعية لتراكم الممارسات الفئوية والطائفية من مختلف أطياف المجتمع والتي غلبت على معظم جوانب حياتنا خلال العقود الأربعة الماضية. واللافت في الموضوع أنه رغم الهجمة الشرسة من بعض الصحف والمغردين في مواقع التواصل الاجتماعي على تلك اللافتات بداع أنها تعزيز للعنصرية وإلغاء لروح الوحدة الوطنية والاختيار على مبدأ الكفاءة، فذلك لم يمنع بعض أبناء القبائل من خروجهم للنور وإعلان خياراتهم بكل شفافية، بخلاف قوائم ومرشحين آخرين يتلقون الدعم المعنوي والمادي “سرا” من جهات سياسية واجتماعية أخرى لكنهم في “العلن” يرفضون الإفصاح عن انتمائهم لهذا التيار أو تلك الجمعية مثلا، وأنا على يقين بأن مبدأ اختيارهم ?ي مرشح لن يخرج عن إطار الفئوية على ا?غلب.
قد تتحمل المكونات الاجتماعية كالطائفة أو القبيلة جزءا مما وصلنا إليه من حالة التشرذم الوطني، لكن يبقى الجزء ا?كبر ملقى على كاهل الدولة العاجزة. فإن كانت الدولة بمؤسساتها تحاول تغطية فشلها الذريع في جوانب كالصحة والإسكان والتعليم من خلال وعودها السرابية، فلا شك أنها في ملف الوحدة الوطنية لا يحق لها أن ترفع طرفها بوجه المواطن وتدعي امتلاكها للحلول كما تفعل في أي ملف آخر. بل المصيبة كل المصيبة أن مؤسسات الدولة، وأقصد تحديدا الحكومة والمجلس، لم تدرج ضمن خطتها أي ذكر لمشاريع واقعية لمحاربة الفئوية والطائفية، بل كانت راعيا رسميا لكثير من تلك الممارسات وانتهاك قانون الوحدة الوطنية، والذي لم يصدر بالمناسبة إلا بمرسوم ضرورة كدليل إدانة على إهمال الحكومات والمجالس المتعاقبة لهذا الملف الحساس.
رغم هذا الواقع المأساوي الذي يفرض علينا التحزب خلف العائلة أو القبيلة أو الطائفة لتحصيل حقوقنا كمواطنين في كثير من ا?حيان، لكن سنبقى نحلم بدولة مدنية ووطن يجمعنا أكثر من مجرد اسمه، وما أضيق العيش لولا فسحة ا?مل.
بقلم د. عبدالله تقي – طبيب كويتي