كتاب سبر

السيستاني وسب الصحابة

كاد التصرّف الأحمق الطائش الذي قام به مجموعة من الشباب الشيعة بترديدهم لشعارات تتضمن التعرّض لبعض الصحابة أثناء مرورهم في حي الأعظمية ببغداد وهو الحي المعروف بأن غالبية سكانه من السنّة، كاد هذا الموقف الاستفزازي الأرعن أن يتسبب في مشكلة طائفية جديدة في العراق، وما أكثرها هناك.. هذه المجموعة من الشباب تنتمي لشخص يدعى ثائر محسن الدراجي، وهو معروف بتطرفه في المواضيع الطائفية، وهو لا يكتفي بمهاجمة رموز السنة بل يتهجّم حتى على مراجع الشيعة ويعتبرهم متخاذلين.
هذه الحادثة وغيرها من الحوادث المشابهة تدل كيف أن تصرفًا أحمقًا من شخص أو مجموعة من هذا الطرف أو من ذاك يمكن أن يتسبب في إزهاق أرواح بريئة كثيرة.. وها هو العراق ينزف كل يوم دمًا بسبب الاحتقان الطائفي، وفي الشهر الماضي وحده وصل عدد ضحايا هذا الجنون الطائفي إلى أكثر من ثلاثة آلاف بريء عدا عن الجرحى والمصابين.. من يقوم بهذه التصرفات لا يخرج عن كونه إمّا أحمقًا جاهلًا أو انتهازيًا مأجورًا، وكلا الأمرين موجود، فالجهل والتعصّب الطائفي موجود كما أن هناك جهات ودول لها بصمات واضحة فيما يجري في العراق من عنف طائفي، وهذه الدول والجهات توظّف أناسًا لا قيم ولا أخلاق لديهم لغرض تأجيج العصبيات الطائفية.
نظرًا لحجم الفتنة التي كان يمكن أن تقع بسبب هذا التصرّف الأرعن تدخل سماحة المرجع السيد السيستاني شخصيًا بإدانة هذا التصرّف ووصفه “بأنه مدان ومستنكر جدًا وهو على خلاف ما أمر به أهل البيت شيعتهم”.. هذا التدخل المباشر من السيد السيستاني خفف من حجم الأثر المترتّب على إثارة مثل هذه الفتنة، وهذا الموقف يؤكّد مرّة أخرى أن السيد السيستاني بمواقفه الحكيمة الرافضة للفتنة يعد من أهم ضمانات عدم الانجرار إلى حرب طائفية لا تبقي ولا تذر في العراق، والتي ازدادت احتمالاتها مع تداعيات الحرب الدائرة في سوريا وانعكاسها المباشر على الوضع في العراق.. المطلوب هو أن تتصدّى المرجعيات الدينية بكافة المذاهب لمظاهر التطرّف الديني في البيئات التي تنتمي لها، وإلا فإن الفتنة الطائفية تطل برأسها القبيح بشكل واضح على المنطقة وتهدد بحرق الأخضر واليابس.
 
salahma@yahoo.com