آراؤهم

بطلان التقاعد القسري

تتوالى قرارات الإحالة للتقاعد لمن بلغت مدة خدمته 30 سنة بالنسبة للمواطنين العاملين في أجهزة الدولة، بالرغم من التصريحات بترشيد الإنفاق وعدم وجود ميزانية، والتحذيرات بوجود عجز اكتواري في ميزانية المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، لا إنكار بوجود نصوص قانونية تبيح للإدارة إحالة الموظف للتقاعد مادة 71 من مرسوم الخدمة المدنية وأيضاً المادة 32 من قانون الخدمة المدنية 15 السنة 1979 ولكن تلك الإباحة كما جرى العرف مشروطة بموافقة الموظف في حالات معينة يتم فيها ترتيب مسبق بين الإدارة والموظف لإحالته للتقاعد، والعلة من تلك النصوص حماية حق الإدارة بصورة اقرب للاستثنائية في إنهاء خدمة من تشاء لاعتبارات معينة أن عجزت النصوص القانونية التقليدية.
وتعتبر فصلاً من الخدمة بغير الطريق التأديبي في رأي البعض، علما بعدم وجود نصوص مشابهة لتلك في كل من قانوني العمل في القطاع الأهلي والنفطي، ومن حق الموظف التظلم من قرار التقاعد القسري وأيضا يجوز له الطعن فيه بالتعويض وليس بالإلغاء، كما حدث في مصر كان القرار بقانون رقم 31 لسنة 1962 يقضي باعتبار الإحالة إلي المعاش من قبيل أعمال السيادة وتصدت له المحكمة العليا وقضت بعدم دستوريته في نوفمبر 1971، وتلك النصوص تختلف عن قرارات العزل من الوظيفة للصالح العام كون الأخيرة تصدر من مجلس الوزراء، وتقابل المادة 1 من قانون العاملين المصري رقم 10 لسنة 1972.
 لذا فان حق الإدارة بإحالة الموظفين بالجملة للتقاعد كما هو حاصل ليس مطلق بل يجب أن يتناسب ونصوص الدستور فبالرجوع للمادة رقم 7 تقضى بالمساواة بين المواطنين لذا لابد من تطبيق ذلك القرار على الكافة، والمادة 26 تنص على أن الوظائف العامة خدمة وطنية وبالتالي حرمان الموظف منها غير جائز خصوصاً إذا كان في سن يعتبر في قمة الإنتاج والعطاء، والمادة 41 تبين الحق في اختيار نوع العمل، وفي ذات الوقت توضح المادة 42 بعدم جواز فرض عمل إجباري على أحد فكما لا يجوز الإجبار على العمل أيضاً لا يجوز الحرمان من العمل، في المادة 48 يحرص الدستور على إعفاء الدخول الصغيرة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة، والمادة رقم 20 تحرص على رفع مستوى المعيشة وهذا ما لا يتحقق في خسارة الفارق المادي بين المرتب الشامل والمرتب التقاعدي في ظل ارتفاع الأسعار، فاستمرار الإدارة بتنفيذ قرارها بالإحالة للتقاعد سيصطدم بنصوص الدستور وان استند لنصوص قانون الخدمة المدنية، فان النصوص الأخيرة قد توصم بعدم الدستورية.