أقلامهم

شملان العيسى: توجه الشباب الكويتي في الاربعينات والخمسينات قوميا ونعود بعد ستين عاما للولاء القبلي والطائفي؟

ملتقطات 
من المسؤول عن الردة المجتمعية؟ 
د.شملان يوسف العيسى
الديموقراطية لا تترسخ في أي مجتمع تزدهر فيه العصبية القبلية والطائفية
احتفلت احدى القبائل بالمسيرات والرقص بالسيوف بمناسبة فوز لائحة ابناء القبيلة (المستقلة) في الانتخابات الطلابية للهيئة الادارية لاتحاد طلبة التطبيقي – حيث تنافست خمس قوائم طلابية (المستقلة – المستقبل الطلابي – الاتحاد الطلابي – الوحدة الاسلامية وايادي مستقلة)، ما ميز هذه الانتخابات هذا العام عن غيرها من الانتخابات هو كثافة التنافس القبلي – حيث جرت الانتخابات على اسس قبلية وطائفية بدلا من الافكار والايديولوجيات سواء كانت قومية او يسارية او ليبرالية، كما جرت العادة سابقة، سادت الفزعة والقبلية بدعم وتأييد من زعماء ومشايخ القبائل حيث قامت كل قبيلة تنادي على ابنائها للتصويت لقوائم ابناء القبيلة دون غيرهم.
السؤال ماذا يحدث في الكويت؟ ولماذا تراجع دور المجتمع الكويتي المدني؟ كنا في السابق قد خطونا خطوات جبارة وكبيرة بتعزيز دور الدولة والايمان بها رغم الاختلافات السياسية.. طلابنا وطالباتنا الذين انصهروا في العمل القومي العربي في فترة الاربعينات والخمسينات وساهموا في تشكيل حركات قومية في بيروت مثل حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية كيف يعود احفادهم اليوم بتعزيز روح التعصب القبلي والطائفي؟.. لماذا تراجع مجتمعنا وبرزت فيه الولاءات القبلية والطائفية والعائلية، في ادبيات السياسة يحدث ذلك عندما تتراجع الدولة عن دورها الوطني وتترك الولاءات الجانبية تلعب دورا اكبر.
ما اسباب تراجع مجتمعنا ودولتنا؟ هل يعقل ان يكون توجه الشباب الكويتي في الاربعينات والخمسينات عروبيا وقوميا ونعود بعد ستين عاما للولاء القبلي والطائفي؟ على حساب الوطن والولاء له، ما الاسباب والدوافع التي ادت الى تراجع مجتمعنا؟
هنالك اسباب كثيرة بعضها ذات طابع محلي ساهمت به الحكومة ومؤسسة الحكم لان الحكومة لا تملك رؤية استراتيجية واضحة وحرية تعزز مفهوم الدولة الدستورية القانونية، عزز ذلك التضامنيات القبلية وشجعها ولايزال من خلال اتباع السياسات الخاطئة في الاسكان عن طريق تجميع وتشجيع القبائل للسكن في مناطق معينة لكل قبيلة والهدف من ذلك هو كسب الولاء القبلي ضد التجمعات الحضرية، وكانت النتائج عكسية فأبناء القبائل اليوم اصبحوا اكثر تعليما ووعيا، ولديهم رؤيتهم الخاصة بمصالحهم بعيدا عن الحكومة.. قد يعود سبب تراجع مجتمعنا الى تردي الوضع العربي العام.. فالهزيمة العربية في عام 1967 انهت للابد المفاهيم القومية.. وبرزت على الساحة تيارات الاسلام السياسي من اخوان مسلمين وسلف وغيرهم وقد دعمت الحكومات الخليجية هذه التيارات ضد التيارات القومية.. اليوم التيارات الاسلامية اصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً على مؤسسات الحكم ليس في الخليج فقط بل على مستوى الوطن العربي.. هذه التيارات الاسلامية المتطرفة من السنة شجعت بروز حركات دينية متطرفة بعضها مدعوم من ايران الاسلامية وبعضها الآخر برز كنتيجة لسياسات التفرقة وعدم المساواة التي اتخذتها بعض الانظمة، من يصدق بان بلداناً عربية مثل سورية والعراق ومصر منبع القومية والعروبة اصبحت حكوماتها في حالة سورية والعراق طائفية منغلقة على نفسها زجت شعوبها في حروب اهلية طاحنة لا نهاية لها في الافق القريب من يصدق ان مصر الدولة المدنية القومية تشهد اليوم حربا دينية ضد اقوى الاخوان المسلمين الذين يحاولون جرها الى حرب اهلية، نأمل ان يضع الشعب والجيش المصري حدا لهذا الارهاب الذي تشهده الساحة المصرية.
واخيرا يبدو بان هناك خطأ في الممارسة الديموقراطية في بلدنا فالديموقراطية التي ندرسها لطلابنا لا تترسخ وتزدهر في اي مجتمع تزدهر فيه العصبية القبلية والطائفية البغيضة والحركات الدينية التي تتسلط على الناس باسم الدين.
د. شملان يوسف العيسى