كتاب سبر

حرية الرأي.. بين تفسير النوايا ونهج القمع

بالنسبة لحرية الرأي والتعبير فإنها تعتبر من القضايا الشائكة والحساسة، ولا يوجد لها حدود دولية، كما أنه ترك المجال مفتوح للتعاطي مع الحريات وفقًا للظروف الأمنية أو الأحداث السياسية المختلفة التي تتعرض لها الدول، وقد تلعب ظروف خارج أو داخل نطاق الدولة دورًا في رسم حدود الحريات، ويعتبر الفيلسوف (جون ستيوارت ميل) من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقيًا في نظر البعض، حيث قال “إذا كان كل البشر يمتلكون رأيًا واحدًا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيًا مخالفًا، فإن إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات الكل إذا توفرت له القوة”.
أما عن مانشاهده ونلمسه من هامش الحريات لدينا عندما اسدل الستار مؤخرًا، وتبيّن لنا أن حرية الرأي أصبحت تكاد مقيدة كما (قيد الجمال)، ولكن يبدو بأننا أصبحنا نمتلك نهج بوليسي بنكهة صيد الصقور، حيث إننا فيه نهبط من سماء الحرية ونصبح بعد ذلك بيد من اصطادنا لكي ينتهي بنا المطاف ونحن لا نستطيع التحليق بسبب وجود رباط يجعلنا مأسورين بيد الصائد، ولكن مع ذلك يصبح الصقر غالي من قبل وبعد اصطياده، والجميع يتمنى أن يسمح الحظ له ان يمتلك أو يصطاد النادر منها، وعندما نشاهد وتتصفح مساحات التعبير حول العالم نشاهد تفاوت بين احترام أو عدم احترام تلك الحريات من قبل بعض الدول، إلا أنه غالبًا ما تتضمّن قوانين العقوبات وقوانين الصحافة على الصعيد الدولي، أحكامًا مبهمة تجرِّم انتقاد الحكومة أو كتابة تقارير عن مواضيع حساسة سياسيًا أو اجتماعيًا، وتستخدم ليس لمعاقبة الصحفيين المحترفين فحسب، بل ما يسمى بـ”المواطنين الصحفيين” أيضًا، على رغم مساهمة المواطنون الصحفيون في إثراء التنوع في وجهات النظر والآراء.
نحن الآن نسابق الزمن وتكاد رزنامة مواعيد جلسات المحاكم تكتض بالقضايا السياسية في ازدياد، علمًا بأننا نختلف ونتفق مع بعض التهم، ولكن نتوحّد جميعًا نحو تفسير النية بأنه لا يوجد اختراع أو فقه ومدرسة ذهبت نحو علم تفسير النوايا، وهنا أخشى أنا صراحة من الإفراط باستخدام هذا النهج، حتى لا يتسع محيط الأزمة ويزداد عدد السجناء، ثم يصبح بكل بيت سجين وهنا تكمن المشكلة، ومن وجهة نظري الشخصية يجب إعادة ترميم العلاقات بين جميع الأطراف حتى نصل إلى إصلاحات تعالج كل تلك الأضرار حتى ننتهي من هذا المنحنى الخطير والمزعج الذي اعتبره شخصيًا كابوسًا أتمنى انتهائه.
في الختام.. أن القضاء على الفساد (علاج) كما أن عمل الإصلاحات (كيّ)، والمثل يقول آخر العلاج الكي، دعونا نتجاوز كل ذلك من خلال النزول عند رقبة الإصلاح والمحافظة على هذا الوطن الذي يستحق منّا الكثير، فإن التواضع والتسامح ما هي إلا قيم أصيلة في ديننا ومجتمعنا، وان الاختلاف والتجاذب والشخصنة سوف تذهب به ريحنا، دعونا نستقر وكفى تمزّقًا وخصامًا وتعطيلًا وضياعًا، دعونا نعيد بناء كل شيء ونرمم كل ذلك 
الصدع.
بقلم / فواز البريكان
@fuwazalhossini