أقلامهم

يوسف عوض: إيران تعتبر الساحة السورية «حياة أو موت»، ولن تدخر وسعاً في حماية النظام الدموي.

فوق الطاولة وأحياناً تحتها!
كتب المقال: يوسف عوض
علينا ربط أي حركة تحدث أو تطور على الصعيد السياسي في المنطقة بمكالمة أوباما وروحاني الأخيرة، فأوباما يبدو أنه لا يزال يعيش حالة النشوة بعد مكالمته، وكأنه فتح فتحاً مبيناً! لأنه تشجع وجعل المخفي علنياً!
أياً كان الطرف المبادر بالمكالمة، فهو يؤكد أن الاستثمار السياسي الأميركي الإيراني أتى بثماره، والآن دخل مرحلة الحصاد، فرغم الجهود لخصوم إيران لتحييدها على الأقل فإنها بدت أقوى مما تصوروه، فهي فعلياً حليفة لأميركا في العراق وأفغانستان، وغض النظر الأميركي المشبوه عن نظام الأسد ودمويته يبين لنا أن الأمر ليس مصادفة.
لا أعرف ما الذي ستفعله دول الخليج إزاء تلك الأمور، فرغم الجولات المكوكية الأخيرة وتحركات السلطان قابوس والشيخ صباح الأحمد والشيخ محمد بن زايد والأمير بندر بن سلطان، ورغم النجاح في إسقاط حكم “الإخوان” في مصر، فإن الطريق لا يزال صعباً.
يبدو واضحاً (الآن على الأقل) أن حكم الأسد قد تم تحصينه إقليمياً بواسطة إيران، ودولياً عبر القفز الإيراني إلى أعلى، والتفاهمات مع أميركا في الشأن السوري.
ولا عليك من مؤتمر “جنيف 2″، فهو مجرد ورقة لكسب الوقت لا أكثر، وللعب على تناقضات بعض فصائل المعارضة في سورية، وليس أدل على ذلك من سحب اعتراف عدد من الفصائل بالائتلاف السوري!
اللعبة كبيرة وإيران تعتبر الساحة السورية ساحة “حياة أو موت” بالنسبة إليها، ولأجل ذلك لن تدخر وسعاً في حماية النظام الدموي الذي يحقق لها مصالحها.
خطورة اللعبة التي يجب الانتباه إليها جيداً هو التلويح الإيراني بالورقة البحرينية ومساومة البحرين بنظام الأسد على طريقة المثل المصري “سيب وأنا أسيب”، لذلك فدول الخليج عليها التفكير بجدية وبنظرة بعيدة ووضع كل الاحتمالات على طاولة البحث، فما يحدث ليس سهلاً، فإيران طرف غير مضمون الجانب، والولايات المتحدة غير مأمونة التصرف في وجود رئيس متردد وغير معروفة دوافعه؛ لا يبرز قوته إلا على حلفائه وينفذ عملياً طريقة “الفوضى الخلاقة” أو “الفوضى المنظمة”! كما كشفت كوندليزا رايس في السابق.
اللعبة نجحت نجاحاً مبهراً في تونس ومصر وليبيا، وفلسطين لا تزال محتلة، وتقريباً اختفت شعارات تحرير فلسطين! ولبنان استولى على قراره “حزب الله” (يعني إيران) وأصبح خارج نطاق التغطية سياسياً، وسورية أحياناً يلعب بها فوق الطاولة وأحايين تحتها!
على دولنا الخليجية الانتباه ووضع أسوأ الاحتمالات في البال، فلسنا أقوى من الأنظمة التي سقطت، لكننا أقوى بإذن الله وتوفيقه بتكاتفنا وتعاضدنا والفطنة والانتباه لما يحدث حولنا.
يقول الله تعالى “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة”… سورة الأنفال- الآية 60.