أقلامهم

حسن العيسى: سنوات مضت والصحافة مقيدة ولا تؤشر مباشرة إلى الجرح، عن خلافات الأسرة.

مستقبل دولة أم أجندة شيوخ؟! 
كتب المقال: حسن العيسى
أين الجديد في تصريح النائب عبدالله الطريجي لجريدة “الجريدة” وفحواه أن هناك أجندة نيابية للإطاحة بالرئيسين في مجلس الأمة ومجلس الوزراء، يقف خلف هذه الأجندة الانقلابية “عيال شيوخ”، وتتمثل في الاستجوابات الكثيرة التي تقدَّم هذه الأيام في مجلس التابعين ليوم الدين… أين الجديد في مثل هذا الكلام؟!
 سنوات طويلة مضت والصحافة المقيدة بقوانين النشر واعتبارات الولاءات والمحسوبيات للأسرة الحاكمة والمصالح التجارية المرتبطة معها تتحدث تلميحاً، وبحياء شديد وبصيغة خطابية عامة (لا أستثني نفسي) لا تؤشر مباشرة إلى الجرح، عن خلافات الأسرة، أي أسرة الحكم، وكيف انعكس ذلك الصراع السلطوي على وضع الدولة في التنمية الاقتصادية وتدهورها، والإدارة السيئة للمرافق العامة على كل الصُّعُد من التعليم والصحة، وهما الأخطر، إلى بقية الخدمات المؤجلة لأجل في علم الغيب.
بطبيعة الحال وبحكم العادة المتأصلة عند شيوخنا، كان هناك المشجب الجاهز الذي تعلق عليه حكايات الفشل الدائم لأهل الحصافة في أسرة الحكم، وكان يتم تقديم المعارضة لنهج الحكم على أنها السبب وراء هذا الفشل المتكرر بعرقلتها مشاريع التنمية التي كانت الحكومات السابقة تطرحها على المجلس، وأنها (المعارضة) كانت “تتحنبل” في مسائل شبهات الفساد والتحقيق فيها حتى ننتهي بقتل طموح وأمل السلطة في إنجاز مشاريع الأحلام والأوهام وتسويقها على الناس، وكانت دائماً هناك مخالب القط من كتاب ووعاظ السلاطين والمستشارين الذين يقفون عادة صفاً واحداً ضد المعارضة، كما يصورون أنفسهم بوسائل إعلام البؤس في معظم الأحايين، وفي الوقت ذاته، وفي أحيان أخرى، نجد بعضهم يعمل سراً أو جهراً لحساب هذا الشيخ أو ذاك غير الراضي عن شيوخ الحكومة، ويقوم هذا الشيخ “المعارض” اليوم، والذي كان يوماً ما في موقع “أكبرها وأسمنها” قبل زمن قليل أو كثير، بضرب أبناء عمه من تحت الحزام، مستعملاً القفازات الناعمة لنواب وكتاب وإعلام ضحل ومنظّرين من حزب فقهاء مخلب القط.
 بتلك الصورة المحزنة، يتم تهميش الدولة وشعبها كله إلى حالة الدولة المشيخية الكاملة الدسم. فلا دولة ولا مؤسسات تديرها بيروقراطية قانونية تحسم الصراعات القائمة والمحتملة، ويصبح كل ما لدينا شيوخاً بشيوخ، بعضهم “يحبل” للآخر، أي يتصيد له، ليزيحه عن كرسي السلطة ويحل مكانه في أول قائمة المرشحين للحكم، وما علينا -نحن الشعب المنسي- غير أن نجلس متفرجين، ومهمِّشين كل قضايانا الحياتية من سكن وصحة وتعليم جانباً حتى تظهر نتيجة صراع “البخصاء” في دنيا حكمة “الشيوخ أبخص”.
لا يمكن أن نعزل ما حدث ويحدث لدينا في الكويت خلال العقود الأخيرة، عما نشره الكاتب كريستوفر ديفدسون في دورية “فورن أفيرز” وترجم بعضه موقع “منشور” عن غروب شمس دول الخليج، حيث يحدد الكاتب أن الخطر الأكبر الذي يهدد تلك الدول، ليس كما يحلو للبعض أن يردده بشأن الخطر الإيراني، بل يتمثل في تدخلات حكام القصور وصراعاتهم في ما بينهم، هنا من حقنا أن نتساءل إن كنا حقاً نحيا في دول لها وجود وتاريخ وهوية وشعوب حية أم في مشايخ وإمارات، تختصر الدولة فيها وتهمَّش إلى واقع دواوين مشيخية تمارس فيها طقوس الولاء بتقبيل الأكتاف والرؤوس ولا شيء عدا ذلك، وهل سيكون لتلك الدول مكان في مستقبل أرض بلا نفط؟!