أقلامهم

ناصر المطيري: اشكالية الديموقراطية في الخليج العربي خاصة هي اشكالية اجتماعية، قبل أن تكون سياسية.

خارج التغطية
إشكالية الديموقراطية في الخليج
ناصر المطيري
أتحفني أحد الأحبة لصوغه فكرة مميزة عبارة عن كتاب بعنوان: «الديموقراطية العصية في الخليج العربي» لمؤلفه استاذ الاجتماع البحريني الدكتور باقر سلمان النجار.. وبرغم أن هذا الكتاب صادر في عام 2009م قبل التطورات الجديدة في العالم العربي ولكن قرأت فيه رؤية واعية للطبيعة السياسية والاجتماعية في منطقة الخليج العربي.
ومن تقليب صفحات الكتاب وما يطرحه الدكتور النجار أدركت أن اشكالية الديموقراطية في الخليج العربي خاصة هي اشكالية اجتماعية، قبل أن تكون سياسية. بمعنى أن تحقيق الديموقراطية في الخليج، أو في أي بلد على سطح هذه الكرة، لن يتم الا اذا شعر كافة المواطنين دون استثناء أن هذا الوطن هو وطن الجميع، وهو مُلك الجميع، وأن دولة الوطن، هي دولة الجميع، وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه المجتمع المدني الحديث. ويقتضي هذا الأساس، اقامة نوع من الاتفاق أو «العقد الاجتماعي»، الذي يساعد الشعب على الانتظام في دولة واحدة.
احدى اطروحات الكتاب تحاول الرد على المقولات التي تظهر في كثير من الكتابات الغربية وبعض الكتابات العربية، وتفيد بأن هناك عداءً متأصلاً في المجتمعات العربية نحو الحداثة والديموقراطية والمجتمع المدني، وأن الشعوب العربية ترتضي قمع الأنظمة أكثر مما تنزع الى الخلاص منها. ويعتقد أصحاب تلك المقولات أن الدين الاسلامي يتميز عن الأديان الأخرى في مقاومته لمسألة الديموقراطية والمجتمع المدني، وبالتالي فان المجتمعات العربية ترفض أي شكل من أشكال الحياة العالمية أو العصرية غير المرتبطة بالخطاب الديني..
المجتمع العربي بشكل عام، كما يرى الدكتور باقر النجار يحتاج الى احداث تغيرات جوهرية وأساسية في نظامه السياسي، من حيث خطابه وآلياته ورموزه ومسلّماته السياسية. ولما كان النظام السياسي هو النسق القائد والحاكم، فان تغيّره قد يقود الى تغيّرات نوعية في الأنساق المجتمعية الأخرى. وبمعنى آخر فان التحولات والتغيرات العالمية التي طرأت على المنطقة خلال مدة العقد ونيف الماضية تتطلب احداث تغيرات أساسية في المناخ السياسي والتعليمي والديني والثقافي، الذي شكل الحالة العربية في عقودها الماضية، الانعتاق منها لبناء حالة مجتمعية جديدة. ويجب وضع رؤى الماضي وتصوراته في أدراج الماضي والابتعاد عنه في حركة تتوجه نحو المستقبل، بكل ما يملكه هذا المستقبل من امكانيات عظيمة للمجتمعات العربية، كما يجب أن يعرف العرب أن الغرب سيبقى غرباً كما أن الشرق سيبقى شرقاً كما قال المستشرق كبلنج ذات يوم، على رغم حالة التغرّب أو التشرق التي حدثت فيهما..
الدعوة التي يوجهها النجار للشعوب العربية هي بأن يفتحوا النفوس قبل الأبواب للديموقراطية لكي لا تصبح الديموقراطية عصية.