كتاب سبر

الرئيس “هنكره” ومصباح “الجين” العربى

استمتعنا بالمحاورة الثقافية التى جرت مقاليًا بين قطبيّ الإعلام  الخليجي، الشمالى علي الظفيري، والجنوبي محمد الوشيحى.. وكتاب محاورة الاستاذيّن، ليس مبيّن من عنوانه كما يقتضى المثل، بل هو كتاب مبيّن من مصدره، أي الجريدتيّن اللتين نشرتا المقالين، “الوطن” و”العرب” القطريتيّن” العروبية ” الظفيرية كما وصفها الوشيحى فى مقال “الهنكره والمنكره”، و”الوطنية” الوشيحية كما وضّحها الظفيري فى بيانه التوضيحى.. وهنا فيما بين “الوطن” و”العرب” سيكون مربط فرسي الذي أحاول بها شق غبار الفارسيّن، ودعواتك معانا يا “عل وعسى”.
الوشيحي ليس “وطنيًا” كما وصفه الظفيري كـ(معنى أيدلوجي طبعًا)، فهو ليس متقوقعًا فيما بين دفتيّ العبدلي والنويصيب، ويشجّع اللعبة الحلوة العربية أينما كان ملعبها.. هو تمامًا كـ”الشيبان الطيبين” الذين راحوا لا يسألون من يتقدّم لخطبة بناتهم عن عائلته ايان مرسى رصيدها ولا يسألونه عن دمه إن كان أزرقًا يلعب بساحة “بطنها “، بل يطرحون سؤالًا واحدًا تعددت علامات استفهامه والجواب واحد: يا ولدي أنت تصلي؟ 
“أبا سلمان” هكذا، كلما خطب ود بنات أفكاره، قومي، أو وطني، أو إسلامى أو واق واقي…إلخ، وجّه له سؤالاً واحداً ومحددًا: يا أيدلوجي أنت تصلي؟ هل تقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء؟ أم تقرأ المعوذات كلما لمحت ضميرك قادمًا من بعيد، هل تركع فى محراب الحق أم “تكرع” من حقوق الشعوب حتى ينتفخ بطن “وادي عقربك “؟ هل تخر ساجدًا يا ترى؟  أم تخر “فاسداً”؟
الوشيحي “راعي صلاة مبدئية” أستاذنا الظفيري، وليس وطنيًا متقوقعًا، وهو فى مقاله يصف واقعًا “هنكريًا منكربًا”، لا ينكره أحد، وأظن أن أخشى ما يخشاه هو أن يستيقظ “العربي الحالم” يومًا، فيجد إن “هنكر” صار “كابوسًا” بدرجة رئيس، يفسّر تفاصيله رئيس الوزراء “منكر”، ووقتها قد لا يكفي كل نفط العرب لإيقاد شمعة أمل واحدة، وقد لا تكفي كل أنهار العرب  لغسل أجساد الشعوب من جنابة الفساد، وحتمًا لن تكفي كل سلالم مجدنا التليد إلا لتسلّق “الطوبة اللي تحت راس حلمنا العربي الكبير”، والهمس بإذن الجثة: “الله يرحمك يا حلم ويبشبش الطوبة اللى تحت راسك يا كبير”.
الظفيري كذلك ليس حالمًا كما وصفه الوشيحي، فالرجل يغني على “ليلانا”  وكلنا “قيس”، والوحدة العربية لا شك مصباحنا الذى نفركه فيخرج لنا “الجين العربى” هادرًا يصرخ: شبيك لبيك أمجادك بين إيديك.. تاريخنا يا سادة يمشي فى شرايينا بسرعة 1400 سنة و”موتر ثقافتنا جامد” لن تقلبه صخرة “قذافية” صغيرة، أو جذع “صدامي” جاف، ولن يدمّر إطار صورته الزاهية زجاج مكسور من بواقي بيت زجاجي لـ”قائد ملهم ما”، لم يتعلّم بأن من يرمي الشعوب بحجر فسترمى زجاج مرآة جنون عظمته بألواح ثورة تكسرها وتقف على أطلالها “الطَل”، لتعزف مزامير الحرية، والعدالة، والمساواة.. والمستقبل وأنا وأنت.
الاثنان على حق وموضوع خلافهما سهل “مندفع”، وإن كان “ميل” الواقع  للوشيحي فإن “كيلو” التاريخ للظفيري، المسألة هنا سادتي آنساتي سادتي مسافة بين الواقع المؤسف، والتاريخ  المشرف.. وكما علّمتنا الرياضيات فإن المسافة = السرعة × الزمن، أي إننا كلما أسرعنا فى نفض الغبار عن هويتنا الثقافية وضربنا بها وجه زمن الخنوع الأغبر، فستكون النتيجة مسافة قاب قوسين أو أدنى.
أخيرًا بالرغم من إنه ما اجتمعت القهوتان  الشمالية والجنوبية فى دماغي، إلا كان “الكيف” ثالثهما، إلا أنني كنت وسأبقى عضوًا فى منظمة “عدم انحياز المزاج”،  وسأطالب هنا قطبيّ إعلام الخليج “الوشيحي والظفيري”  بضبط الأنفاس، واحتساء قهوة التجربة التركية، فالكافيين التركى هذه الايام يمدحونه فعلًا فهو يضبط المزاج على الساعة “وحدة “، ويعدّل الراس ولا يظلم موطئ القدم، ويجعل الأحلام تصحصح صحيح.