الاستجواب..اغتيال سياسي!
بقلم: ذعار الرشيدي
حتى نفهم حدة الصراع السياسي وشدة وطأته، علينا ان نعود للعملية الحسابية البسيطة، فوفق تقرير مركز «اتجاهات» المنشور بتاريخ 10/11/2013، يأتي عنوان عريض مفاده «57% من الاستجوابات قدمت في آخر 9 سنوات و43% منها قدمت خلال الـ 40 عاما التي سبقتها»، بمعنى أدق وأوضح فانه في السنوات الـ 9 الأخيرة «وحتى استجواب القويعان لوزير الصحة» كان يقدم استجواب واحد فقط سنويا.
>>>
وفق هذه المعادلة الحسابية التي قدمها مركز اتجاهات الذي يرأسه خالد اللوغاني، يمكن ان نستنتج وببساطة ان الصراع السياسي في حال آمنّا بأن معظم الاستجوابات ليست سوى واجهة للصراع القائم بين الأجنحة، وقد بدأ مده يعلو بعد العام 2006، وفي هذا العام فقط شهدنا تقديم 8 استجوابات في دور الانعقاد الأول، أي بعدد وتيرة أعلى من أي عام آخر من عمر الحياة النيابية في البلاد.
>>>
لن تتوقف الاستجوابات، وستستمر، وسيشهد هذا العام كما كتبت الاسبوع الماضي عددا قياسيا في تقديم الاستجوابات، وذلك لسبب بسيط جدا، هو ان الصراع السياسي بلغ أوجه، ولم يعد أمام أي من محركي بؤر النفوذ أي مجال للتراجع ما لم يسقط أحد منهم أو ينسحب أو يوقف «سياسيا» وحل المجلس أو استقالة الحكومة لن يكون حلا لوقف الصراع السياسي المتنامي.
>>>
الاستجواب لا يعطل التنمية، ولا يمكن لشخص منطقي ان يقول ان الاستجوابات ستعطل التنمية في البلد، ولكن الصراع السياسي بين الاجنحة المستتر باقنعة بعض الاستجوابات هو الذي يعطل التنمية، فالسكين أداة نافعة، ولكن اذا ما استخدمت للقتل اعتبرت سلاحا أو أداة جريمة، كذلك الاستجواب هو في النهاية أداة برلمانية «نافعة» ولكن اذا ما استخدمت للقتل السياسي اصبحت.. أداة جريمة سياسية ترتكب بحق الوطن.
>>>
وهذا ما يحصل الآن، واذا ما سألنا وبعيدا عن القراءات القادمة من خلف كواليس السياسة، هل تستحق الحكومة كل هذا الكم من الاستجوابات؟ فنعم تستحق 20 استجوابا بل 30 استجوابا، بل تستحق استجوابا كل يوم، وبغض النظر عن كون الاستجواب اداة نافعة.. أو أداة جريمة، الا ان على الحكومة مواجهتها لأن هذا واجبها وهذا ما يجب ان تفعله، فهي السلطة التنفيذية وما من استجواب قدم او سيقدم إلا كان من واجب الحكومة مواجهته، لأن هذا الأصل الديمقراطي لتلك الأشياء.
>>>
توضيح الواضح: سيل الاستجوابات واستخدام بعض الاستجوابات للتصفية السياسية يمكن ان يتوقف بالعودة الى مفهوم الحكومة البرلمانية، وتشكيل حكومة ذات أغلـبية برلمانية، فهذا الأمر من شأنه وقف حدة الصراع بل والـسيطرة على نيرانه.
أضف تعليق