سوالف / سلطة من أفراد متناقضين !
محمد جوهر حيات
بعد نهضة معظم دول الخليج الشقيقة في السنوات القليلة الماضية في المجالات كافة وخصوصا الاقتصادية والإعلامية والرياضية والعمرانية والخدماتية كالسكن والتعليم والتطبيب، أصبح المواطن الكويتي ينتظر من السُلطتين الكثير والكثير من الأمور الإيجابية، فهو ينتظر من السلطة التشريعية التشريع التنموي والرقابة الصادقة والجادة على أداء السلطة التنفيذية وحماية المال العام وثروات البلاد والعباد، وينتظر من السلطة التنفيذية تطبيق القانون بلا تمييز واستثناء وترضيات ومجاملات وتجاوزات، ويرغب المواطن أيضاً بوزراء دولة يمتلكون نهجاً تطويرياً وقدرة على العمل الجماعي المؤسسي القانوني المسؤول عن أعماله الطامح للإنجاز والتنمية والإبداع بدلاً من وزراء سمع وطاعة وتنفيذ أوامر سمو رئيس الوزراء الفردية والمزاجية!
وبعد سنوات من الانتظار لم نتقدم خطوة إلى الأمام، بل عدنا أميالاً للخلف بفضل سوء عمل السلطتين وببركات أمراضنا الإقصائية (الطائفية والعنصرية والقبلية) التي كانت هي السبب الرئيس في تراجع أداء السلطتين حتى أصبحنا شعباً يفعل عكس ما يأمل! نشكو من السلطة التشريعية ونحن من نُشكلها، وننتقد نهج السلطة التنفيذية عبر الوسائل الإعلامية ونحن من يجامل مسؤوليها إن تواجهنا معهم وجهاً لوجه! حتى أصبحنا نعيش في فوضى منظمة لا مُنتهية! يُراهن بها الساسة على ضعف ذاكرتنا الهشة التي لا تعرف معنى المحاسبة حتى أصبح العمل السياسي البرلماني في الكويت ما هو إلا مجموعة من الأفراد المتناقضين في مواقفهم التي تتبدل بتبديل مواقعهم من السلطة! فالبعض منهم كان (يُطبل) لوأد الاستجوابات المقدمة لسمو رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد واليوم يبكي دماً لشطب الاستجوابات المقدمة لسمو الرئيس الشيخ جابر المبارك! فلولا تنازلاتكم بالأمس لما تجرأت الحكومة اليوم يا متناقضي المبادئ والموقف، أما الطراز الآخر من المشرعين كان بالأمس يرفض وبشدة إحالة الاستجوابات إلى اللجنة التشريعية والمحكمة الدستورية في المجالس السابقة واليوم يُساهم بحرفية عالية على وأد الاستجوابات عبر الشطب!
ما دام نظامنا الديموقراطي لا تتوافر به الأحزاب السياسية العملية أو الجمعيات السياسية على أقل تقدير وليس به نظام انتخابي يدعو للعمل السياسي الجماعي عبر قوائم التمثيل النسبي، ومادام تشكيل السلطة التنفيذية لم يتغير، ومادام الشعب يقول ما لا يفعل ويفعل عكس ما يأمل، وما دمنا نشكو والسبب نحنُ، ستظل هكذا سُلطاتنا أسيرة أهواء وتناقضات الأفراد وأمراض مجتمعنا الذي يرغب بالتطور والتنمية والإصلاح قولاً وليس فعلاً!
Twitter : @m_joharhayat
أضف تعليق