أقلامهم

ناصر المطيري: دول الخليج تفتح نوافذ دولية جديدة تحسبا للتخلي الأميركي عنها.

خارج التغطية
كيف تبيع أميركا حلفاءها عبر التاريخ؟
ناصر المطيري
«لا صداقة مع احد تدوم… ولا وفاء لاحد يستمر.. هذا هو المنطق السياسي الاميركي في التعامل مع الانظمة الحاكمة في كل زمان ومكان..منطق الغدر هذا لا يستثني أحدا..ليس فيه مكان لحليف أو صديق..الجميع سواسية..المعيار الوحيد هو المصلحة فقط..».
هذا جزء من مقدمة كتاب بعنوان: كيف تبيع أميركا حلفاءها لمؤلفه الدكتور مجدي كامل..
 وقد أورد المؤلف نماذج لحلفاء طالهم منطق الغدر الأميركي بعد سنوات من العسل بينهم وبين أميركا، لم يدُر بخلدهم أنه سيأتي اليوم الذي تبيعهم فيه بثمن بخس. من أولئك الحلفاء أورد المؤلف أسماء مثل: برويز مشرف، وشاه ايران، وصدام حسين، وفرديناند ماركوس، وسوهارتو، وادوارد شيفرنادزه، وباتيستا، وبي نظير بوتو، وغيرهم.
فعن الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف مثلا ذكر أنه كان نموذجًا لما تريده أميركا.. طلبت منه أن يفتح بلاده على مصراعيها لرجال مخابراتها وعسكرييها ففعل.
ويقول المؤلف: لقد استقال الرئيس الباكستاني في النهاية؛ عندما لفظته باكستان كلها، وانقطعت به السبل، وانتهى دوره، وتخلى عنه الأميركيون.
وكذا الحال في باتيستا «دكتاتور كوبا» فقد ذكر المؤلف أن أميركا وجدت فيه العميل النموذجي.. جعلت منه طاغية، وقفت معه بقوة ضد زعيم الثورة الكوبية الشاب فيدل كاسترو، لم تكترث لمذابحه الدموية، دافعت عن ديكتاتوريته، ووحشيته، وعندما أسقطه كاسترو، ورفيق دربه الثائر التاريخي تشي جيفارا باعته، لم تنصت له، رفضت استقباله، لم تمد له يد المساعدة، وتوفر له المنفى. 
الغريب انه ورغم تاريخ الولايات المتحدة الطويل في بيع اصدقائها وحلفائها من الحكام, وتخليها عنهم بعد استنفاد قدراتهم على القيام بادوارهم او تراجع قوتهم ونفوذهم امام القوى المعارضة, او ظهور بديل يمكنه ان يقدم خدمات اكبر، او في حال كان البديل يتقدم عليهم شعبيا.. انتخابيا.. فتتخلى عنهم لصالح بديل اخر، رغم كل ذلك لم يستوعب المعنيون هذا الدرس.
ويتحدث مؤلف الكتاب مجدي كامل عن طبيعة العلاقة أو الشراكة السياسية التي تربط الولايات المتحدة بحلفائها ويقول: هنا يجب أن نفرِق بين الشراكة (الأُفقية) القائمة على توازن المصالح بين الجانبين، بما يحقق مصلحة كل دولة؛ بحيث لا تكون تلك الشراكة على حساب مصالح الدولة الشريكة لأميركا؛ فلا يُلحق بها ظلم، أما النوع الآخر من الشراكة فهي الشراكة (الرأسية) بين أميركا وبعض الدول في أنحاء العالم، وهي القائمة على تقديم المصالح الأميركية على مصلحة الدولة الشريكة.
ولعلنا من وحي هذا الكتاب ومضمونه نجدها مناسبة أن نترقب الموقف الأميركي مع حلفائه المخلصين في دول الخليج، الذين يستشعرون في هذه الفترة هواجس ابتعاد الحليف الأميركي عنهم واستدارته في اتجاه ايران مما يترتب عليه تداعيات اقليمية وسياسية قد يكون لها خطر على أمن دول الخليج الأستراتيجي.
وبالفعل بدأت دول الخليج بفتح نوافذ دولية جديدة تحسبا للتخلي الأميركي عنها فبدأت بعضها بتبادل الزيارات وصفقات التسلح مع روسيا والصين وبعض دول أوروبا لايجاد حالة التوازن السياسي.. والبوصلة السياسية الخليجية اليوم فوق رمال المصالح الدولية المتحركة.