أقلامهم

إبراهيم المليفي: الحكومة تصنع صنفاً جديداً من المعارضة، هو “الممتنعون عن الموالاة”.

الأغلبية الصامتة: الممتنعون عن الموالاة 
كتب المقال: إبراهيم المليفي
وتتجدد قصص الحكومة في الغدر بأقرب المقربين إليها، وقصة اليوم لا تحكي عن فرد أو حالة بل عن مشهد ثلاثي الأبعاد، ففي 8 مايو 2011 أعلن تشكيل الحكومة السابعة والأخيرة لرئيس الحكومة السابق، وكل المؤشرات في حينها تقول إن تلك الحكومة راحلة وستذهب بالبرلمان والحكومة والرئاستين معاً.
تلك الحكومة الموعودة بالغرق دخلها ثلاثة هم جوهر هذا المقال وعماده، أحمد المليفي وعلي الراشد وسامي النصف، وبعيداً عن حديث العواطف والمثاليات، الثلاثة قبلوا التحدي وهم يعلمون قبل غيرهم حجم التضحية التي سيقدمون عليها، خصوصاً أن ميزان القوى السياسية تميل كفته نحو قوى المعارضة داخل البرلمان وخارجه.
هؤلاء الثلاثة ليسوا حديثي عهد بالسياسة ولا تنقصهم الخبرة، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا قبلوا المشاركة في هذه الظروف؟
أحمد المليفي كان بحكم المنتهي انتخابياً كونه خسر انتخابات 2009 وقبل العمل تحت رئاسة نفس الرئيس الذي سبق للمليفي أن لوح باستجوابه بسبب ملف التجنيس ومصاريف ديوان رئيس الحكومة! إلا أنه تراجع بسبب تنازل الحكومة له وكان هو السبب في “إرشاد” المؤزمين إلى نقطة ضعف الحكومة الكبرى، وعليه فإن “عرض” دخوله البرلمان من بوابة الحكومة ووزارة التربية فرصة لا تعوض لترميم شعبيتة الانتخابية حتى اتهمه بعض الناس بالتناقض.
 النائب علي الراشد كان وما زال لديه طموح مشروع في رئاسة مجلس الأمة مستقبلاً، وأصوات الحكومة مهمة جداً في الالتزام أو توجيه النواب الموالين لها، كما أن التطور الطبيعي لجهوده في مواجهة “المؤزمين” داخل مجلس 2009 جعلته يستحق وبجدارة منصبه كوزير للدولة لشؤون مجلس الوزراء، وعليه لم يكن لديه الخيار في التخلي عن “النظام” عندما طلب “فزعته” له.
الكابتن سامي النصف، كان هو وعلى الدوام يسير في خط ثابت واضح، مع الحكومة بقناعة وبدون “قلة أدب” مع مخالفيها، ولأنه يجمع الكثير من الصفات مثل مهنته كطيار أو كاتب صحافي معروف، جاء اختياره كوزير للإعلام في محله، وعندما حاول ممارسة صلاحياته كوزير اكتشف أن “حكومة الحكومة” أعطته المنصب بدون وزارة، فاختار الاستقالة المبكرة بطريقة ترضيه وترضي “حكومة الحكومة”. والآن ماذا حدث للثلاثة؟
المليفي دعم الشرعية ونزل إلى انتخابات المجلس المبطل الثاني وفاز بالصوت الواحد وتحمس زيادة، ونزل إلى انتخابات الرئاسة وحصل على 4 أصوات فقط، والحكومة “الوفية” لم ترسل له قصاصة تبلغه فيها أن أصواتها ستذهب إلى مرشح آخر، وفي الانتخابات الأخيرة خسر مرة أخرى بالصوت الواحد.
علي الراشد وصل إلى مقعد الرئاسة أول مرة، ولكن في مجلس “ممشة الزفر” على رأي أستاذنا عبداللطيف الدعيج، تعاملت معه الحكومة “الوفية” كوزن زائد ولم تواصل دعمها له وفضلت دعم مرشح آخر.
الأخير وهو الكابتن سامي النصف، فهو المثال الأسوأ في غدر الحكومة فيمن يناصرها، فقد أُوقف عن العمل وشُهِّر به كأنه ألد الأعداء، وكل ذلك تم تحت سمع وبصر “حكومة الحكومة” التي لم تجتهد في إيجاد المخرج الآمن لحليفها.
في الختام، يلخص لنا المشهد السابق حقائق عدة أهمها أن الحكومة غير مستعدة للدفاع طويلاً عن مناصريها، ناهيك عن مشاريعها الوهمية مثل التنمية، الأمر الثاني: الحكومة تصنع صنفاً جديداً من المعارضة، هو “الممتنعون عن الموالاة”، يضم من تخلت عنهم وتركتهم معلقين ليسوا معارضة لأنهم ضدها وليسوا موالاة لأنهم لا يستطيعون ذلك.