أقلامهم

محمد حيات: الكل متخوف من تطوير التجربة الديموقراطية.

سوالف / أزمة ثقة يا وطن!
محمد جوهر حيات
بلد تتوافر به الثروة المالية النفطية ونجا عبر التاريخ من كوارث عدة غير طبيعية، كأزمة المناخ الاقتصادية بداية الثمانينات والغزو العراقي بداية التسعينات، نلاحظ بأنه يعيش (أزمة ثقة) متبادلة مابين الشعب والحكومة وبين الشعب وممثليه في البرلمان الذين هم من اختياراته وبين السلطتين التنفيذية والتشريعية وبين مكونات الشعب الواحد!
الكل لا يثق بنوايا الكل، والجميع لا يثق بُقدرات الجميع، تسود حالة عدم الرضا من قبل الشعب تجاه أداء السلطتين مهما اختلفت وجوه أعضائها، فالثقافة واحدة لا تتغير بتغيير الأوجه! الكل متخوف من تطوير التجربة الديموقراطية رغم اتفاق غالبية شرائح المجتمع على ضرورة التوسع الديموقراطي، أي الجميع يؤمن بأن الحكومة المنتخبة نوع من أنواع الرُقي والتقدم الديموقراطي الشعبي ولكن الكل مؤمن بإقصائية كل مكون للآخر وانحياز المكون لنفسه ويشعر بعدم الأمان تجاه الآخر، بفضل غرس ثقافة الاختيار عندنا على الأسس العرقية والمذهبية والمناطقية التي صنعتها الحكومة بفضل تقسيم الـ 25 دائرة لانتخابات مجلس 81م الذي فرق بين الشعب وصنع التحيّز بينهما لتسود الحكومة على القرار السياسي بفضل نواب (الفرز) الطائفي والقبلي والعائلي (البصامين) لسيطرة الحكومة على المشهد السياسي في ظل وجود تنظيمات سياسية قائمة على صبغة المذهب الواحد! ووجود تكتلات القبائل والمناطق والعوائل ووجود بسيط للتيارات الوطنية التي تحاول أن تكون مؤثرة ولكن لم توفق بانتشارها بسبب بعض متسلقيها وبسبب وجود بيئة ملوثة بالطائفية والعنصرية والعرقية ذات صناعة وخدمات حكومية وفيرة!
ورغم أوجه الحراك المختلفة سواء بقضية الخمس دوائر وقضية الإيداعات والتحويلات ومعارضة مرسوم الصوت الواحد تبقى وتزداد أزمة الثقة المتبادلة بشكل يومي ما بين المكونات، أي بالأمس صنعت الحكومة أزمة الثقة بين الشعب حتى أصبح الشعب لا يثق بنفسه وبسلطته التشريعية ولا يثق بها أيضاً كحكومة وبقدراتها وأصبح الشعب مؤمناً بفشلها المسبق لإدارة الدولة حتى وصلنا لما نحن عليه اليوم من أزمة ثقة عارمة وحالة عدم رضى قاتلة مقابلها حالة تخوف حادة من التطور بفضل تخوفنا من بعضنا كشعب!
كيف نستعيد ثقتنا ببعضنا البعض؟ وكيف نتخلص من تخوفنا من بعضنا؟ وكيف نتوسع ديموقراطياً؟ وكيف نتعامل كشعب وسلطات مع بعضنا البعض على أساس نهج (المواطنة)؟ وكيف ننصهر ببوتقة واحدة؟ وكيف نكسر أسوار الطائفة والقبيلة والعائلة؟ ومتى نجرؤ على ذلك؟ ومتى نصحو من سباتنا ونتشافى من أمراضنا كشعب؟ وإلى متى التراجع في ظل هذه الوفرة المالية؟ وإلى متى نجامل كشعب؟ وإلى متى نشكو والسبب نحن؟ وإلى متى نسير خلف من يقسم مجتمعنا إلى طوائف وقبائل وعوائل؟ وإلى متى نفضل مصالحنا الخاصة الضيقة على مصلحتنا العامة؟ وإلى متى عواطفنا تهزم عقولنا؟
أسئلة بحاجة لإجابات صادقة منا ويجب أن نُجيب عنها بعقولنا لا بعواطفنا بإيجابياتنا لا بسلبياتنا، بثقتنا لا بخوفنا، حينها سنقترب للحقيقة!